الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٨

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٨ -

الْمِيرَاثَ إِلَيْهَا فِي صَدْرِ الْكَلاَم، ثُمَّ بَيَّنَ نَصِيبَ الأُْمِّ، كَانَ ذَلِكَ بَيَانَ أَنَّ لِلأَْبِ مَا بَقِيَ، فَلَمْ يَحْصُل هَذَا الْبَيَانُ بِتَرْكِ التَّنْصِيصِ عَلَى نَصِيبِ الأَْبِ، بَل بِدَلاَلَةِ صَدْرِ الْكَلاَمِ يَصِيرُ نَصِيبُ الأَْبِ كَالْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ. (١)

النَّوْعُ الثَّانِي: هُوَ السُّكُوتُ الَّذِي يَكُونُ بَيَانًا بِدَلاَلَةِ حَال الْمُتَكَلِّمِ، نَحْوُ سُكُوتِ صَاحِبِ الشَّرْعِ عِنْدَ مُعَايَنَةِ شَيْءٍ عَنْ تَغْيِيرِهِ يَكُونُ بَيَانًا لِحِقِّيَتِهِ بِاعْتِبَارِ حَالِهِ، مِثْل مَا شَاهَدَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ بِيَاعَاتٍ وَمُعَامَلاَتٍ كَانَ النَّاسُ يَتَعَامَلُونَهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَأَقَرَّهُمْ عَلَيْهَا، وَلَمْ يُنْكِرْهَا عَلَيْهِمْ، فَدَل أَنَّ جَمِيعَهَا مُبَاحٌ فِي الشَّرْعِ؛ إِذْ لاَ يَجُوزُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يُقِرَّ النَّاسَ عَلَى مُنْكَرٍ مَحْظُورٍ. (٢)

النَّوْعُ الثَّالِثُ: هُوَ السُّكُوتُ الَّذِي جُعِل بَيَانًا، ضَرُورَةَ دَفْعِ الْغُرُورِ، مِثْل الأَْبِ إِذَا رَأَى وَلَدَهُ الْمُمَيِّزَ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي، فَسَكَتَ عَنِ النَّهْيِ، كَانَ سُكُوتُهُ إِذْنًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ؛ لِضَرُورَةِ دَفْعِ الْغُرُورِ عَمَّنْ يُعَامِلُهُ، فَإِنَّ فِي هَذَا الْغُرُورِ إِضْرَارًا بِهِمْ، وَالضَّرَرُ مَدْفُوعٌ. بِهَذَا قَال الْحَنَفِيَّةُ. وَقَال الشَّافِعِيُّ: لاَ يَكُونُ السُّكُوتُ إِذْنًا لأَِنَّ سُكُوتَ الأَْبِ عَنِ النَّهْيِ مُحْتَمَلٌ، قَدْ يَكُونُ لِلرِّضَا بِتَصَرُّفِهِ، وَقَدْ يَكُونُ لِفَرْطِ الْغَيْظِ، أَوْ قِلَّةِ الاِلْتِفَاتِ، وَالْمُحْتَمَل لاَ يَكُونُ حُجَّةً. (٣)

_________

(١) كشف الأسرار ٣ / ١٤٧، وأصول السرخسي ٢ / ٥٠.

(٢) كشف الأسرار ١ / ١٤٨، وأصول السرخسي ٢ / ٥٠.

(٣) كشف الأسرار ٣ / ١٥١، وأصول السرخسي ٢ / ٥١.