الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٨ - حرف الباء - بلوغ - البلوغ شرط للزوم الأحكام الشرعية عند الفقهاء
بِالْمَال، فَلَوْ أَقَرَّ بِإِتْلاَفِ الْوَدِيعَةِ، وَأَنَّهُ بَالِغٌ، فَقَال أَبُوهُ: إِنَّهُ غَيْرُ بَالِغٍ، فَلاَ ضَمَانَ. (١)
وَقَدْ تَعَرَّضَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ لِقَبُول قَوْل الْمُرَاهِقَيْنِ فِي الْبُلُوغِ إِنِ ادَّعَيَاهُ بِالإِْنْبَاتِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الإِْنْبَاتِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنَ الْعَلاَمَاتِ الطَّبِيعِيَّةِ الَّتِي ذُكِرَتْ سَابِقًا: أَنَّهُ يَسْهُل الاِطِّلاَعُ عَلَيْهِ. وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ بِالْكَشْفِ عَمَّنْ شُكَّ فِي بُلُوغِهِ مِنْ غِلْمَانِ بَنِي قُرَيْظَةَ. إِلاَّ أَنَّ كَوْنَ الْعَوْرَةِ فِي الأَْصْل يَحْرُمُ كَشْفُهَا، دَعَا إِلَى قَوْل الْفُقَهَاءِ إِنَّهُ يُقْبَل قَوْل الشَّخْصِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ فِي نَبَاتِهَا وَعَدَمِهِ، إِلاَّ أَنَّ ابْنَ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيَّ خَالَفَ فِي ذَلِكَ وَقَال: إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ إِلَيْهَا، وَلَكِنْ لاَ يُنْظَرُ مُبَاشَرَةً بَل مِنْ خِلاَل الْمِرْآةِ. وَرَدَّ كَلاَمَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَقَال: لاَ يُنْظَرُ إِلَيْهَا مُبَاشَرَةً، وَلاَ مِنْ خِلاَل الْمِرْآةِ، وَيُقْبَل كَلاَمُهُ إِنِ ادَّعَى الْبُلُوغَ بِالإِْنْبَاتِ.
الْبُلُوغُ شَرْطٌ لِلُزُومِ الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ:
٢٤ - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الشَّارِعَ رَبَطَ التَّكْلِيفَ بِالْوَاجِبَاتِ وَالْمُحَرَّمَاتِ وَلُزُومِ آثَارِ
_________
(١) ابن عابدين ٥ / ٩٧، والجوهرة ١ / ٣١٥، والدسوقي على الشرح الكبير ٣ / ٢٩٣، وشرح منح الجليل ٣ / ١٦٨، ونهاية المحتاج ٥ / ٦٦، ٦٧، وكشاف القناع ٦ / ٤٥٦.