الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٨ -
وَفِيمَا يُجْزِئُ فِي الذَّبْحِ خِلاَفٌ، مُجْمَلُهُ فِيمَا يَلِي:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الذَّابِحَ إِنْ قَطَعَ جَمِيعَهَا حَل الأَْكْل؛ لِوُجُودِ الذَّكَاةِ. وَكَذَلِكَ إِنْ قَطَعَ ثَلاَثَةً مِنْهَا، أَيَّ ثَلاَثَةٍ كَانَتْ. وَقَال أَبُو يُوسُفَ: لاَ بُدَّ مِنْ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَأَحَدِ الْوَدَجَيْنِ. وَقَال مُحَمَّدٌ: إِنَّهُ يُعْتَبَرُ الأَْكْثَرُ مِنْ كُل عِرْقٍ، وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ قَوْل مُحَمَّدٍ مَعَ أَبِي يُوسُفَ، وَحَمَل الْكَرْخِيُّ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ " وَإِنْ قُطِعَ أَكْثَرُهَا حَل " عَلَى مَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ قَطْعَ أَيِّ ثَلاَثَةٍ مِنْهَا يَكْفِي.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: يُسْتَحَبُّ قَطْعُ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَالْوَدَجَيْنِ؛ لأَِنَّهُ أَسْرَعُ وَأَرْوَحُ لِلذَّبِيحَةِ، فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ أَجْزَأَهُ؛ لأَِنَّ الْحُلْقُومَ مَجْرَى النَّفَسِ، وَالْمَرِيءَ مَجْرَى الطَّعَامِ، وَالرُّوحَ لاَ تَبْقَى مَعَ قَطْعِهِمَا. (١)
وَشَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ قَطْعَ جَمِيعِ الْحُلْقُومِ، وَهُوَ الْقَصَبَةُ الَّتِي يَجْرِي فِيهَا النَّفَسُ، وَقَطْعَ جَمِيعِ الْوَدَجَيْنِ، وَلَمْ يَشْتَرِطُوا قَطْعَ الْمَرِيءِ. (٢)
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَاشْتَرَطُوا قَطْعَ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ، وَاكْتَفَوْا بِقَطْعِ الْبَعْضِ مِنْهُمَا، وَلَمْ يَشْتَرِطُوا إِبَانَتَهُمَا؛ لأَِنَّهُ قَطْعٌ فِي مَحَل الذَّبْحِ مَا لاَ تَبْقَى الْحَيَاةُ مَعَهُ، وَاشْتَرَطُوا فَرْيَ الْوَدَجَيْنِ، وَذَكَرَ ابْنُ تَيْمِيَةَ
_________
(١) الاختيار شرح المختار ٣ / ١٤٤، والمهذب ١ / ٢٥٩.
(٢) الشرح الكبير ٢ / ٩٩.