الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٨ - حرف الباء - بكاء - أثر بكاء البكر عند الاستئذان لتزويجها
صَارِخًا، فَإِنَّ ذَلِكَ يَدُل عَلَى تَحَقُّقِ حَيَاتِهِ، سَوَاءٌ انْفَصَل بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، أَمْ لَمْ يَنْفَصِل كَمَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. فَإِنْ لَمْ يَبْكِ، وَلَمْ تُوجَدْ مِنْهُ عَلاَمَةٌ تَدُل عَلَى الْحَيَاةِ فَلاَ يُحْكَمُ بِحَيَاتِهِ. فَإِنْ بَدَا مِنْهُ مَا يَدُل عَلَى حَيَاتِهِ، كَالْبُكَاءِ وَالصُّرَاخِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُعْطَى حُكْمَ الأَْحْيَاءِ، فَيُسَمَّى وَيَرِثُ، وَيُقْتَصُّ مِنْ قَاتِلِهِ عَمْدًا، وَيَسْتَحِقُّ مَوَالِيهِ الدِّيَةَ فِي غَيْرِ الْعَمْدِ فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ تَحَقُّقِ حَيَاتِهِ فَإِنَّهُ يُغَسَّل وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُورَثُ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مُصْطَلَحِ (اسْتِهْلاَل) .
أَثَرُ بُكَاءِ الْبِكْرِ عِنْدَ الاِسْتِئْذَانِ لِتَزْوِيجِهَا:
١٨ - إِذَا اسْتُؤْذِنَتِ الْبِكْرُ فِي النِّكَاحِ فَبَكَتْ، فَإِنَّ لِلْفُقَهَاءِ فِي دَلاَلَتِهِ عَلَى الرِّضَا وَعَدَمِهِ اتِّجَاهَاتٍ ثَلاَثَةً:
أ - فَالْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ يَقُولُونَ: إِنْ كَانَ الْبُكَاءُ بِلاَ صَوْتٍ فَيَدُل عَلَى الرِّضَا، وَإِنْ كَانَ بِصَوْتٍ فَلاَ يَدُل عَلَى الرِّضَا (١) .
ب - وَالْمَالِكِيَّةُ يَقُولُونَ: إِنَّ بُكَاءَ الْبِكْرِ غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ، وَهِيَ الَّتِي يُزَوِّجُهَا غَيْرُ الأَْبِ مِنَ الأَْوْلِيَاءِ، يُعْتَبَرُ رِضًا؛ لاِحْتِمَال أَنَّ هَذَا الْبُكَاءَ إِنَّمَا هُوَ لِفَقْدِ الأَْبِ مَثَلًا، فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ لِلْمَنْعِ مِنَ
_________
(١) الاختيار لتعليل المختار ٣ / ٩٢ ط دار المعرفة، وفتح الباري ٩ / ١٩٣ - ط الرياض.