الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٨ -
مَوْقِعَهُ، وَيَكُونُ مُجْزِئًا، وَلاَ يُعَادُ ثَانِيًا عَلَى الْمَحْدُودِ إِنْ كَانَ غَيْرَ قَتْلٍ، وَلاَ دِيَةَ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ قَتْلًا، لأَِنَّ عَلِيًّا ﵁ قَاتَل أَهْل الْبَصْرَةِ، وَلَمْ يُلْغِ مَا فَعَلُوهُ؛ لأَِنَّهُمْ فَعَلُوهُ بِتَأْوِيلٍ سَائِغٍ، فَوَجَبَ إِمْضَاؤُهُ، وَهَذَا مَا صَرَّحَ بِهِ كُلٌّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (١) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا كَانَ الْقَاضِي الَّذِي أَقَامَهُ إِمَامُ أَهْل الْبَغْيِ مِنْ أَهْل الْبَلَدِ الَّتِي تَغَلَّبُوا عَلَيْهَا، وَلَيْسَ مِنَ الْبُغَاةِ، وَجَبَ عَلَيْهِ إِقَامَةُ الْحَدِّ وَأَجْزَأَ. وَأَمَّا إِذَا كَانَ مِنْ أَهْل الْبَغْيِ، وَكَانُوا امْتَنَعُوا بِدَارِ الْحَرْبِ، فَإِنَّ الْحَدَّ لاَ يَجِبُ؛ إِذِ الْفِعْل لَمْ يَقَعْ مُوجِبًا أَصْلًا لِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ دَارِ الإِْسْلاَمِ؛ لِعَدَمِ الْوِلاَيَةِ عَلَى مَكَانِ وُقُوعِ الْجَرِيمَةِ وَقْتَ وُقُوعِهَا. وَلَوْ رَجَعَ إِلَى دَارِ الإِْسْلاَمِ لاَ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ أَيْضًا. وَعَلَى هَذَا لَوْ تَغَلَّبْنَا عَلَيْهِمْ لاَ يُقَامُ. وَلَوْ كَانُوا أَقَامُوهُ فَإِنَّهُ لاَ تَجِبْ إِعَادَتُهُ؛ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ أَصْلًا (٢) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِذَا ارْتَكَبُوا حَال امْتِنَاعِهِمْ مَا يُوجِبُ حَدًّا، ثُمَّ قُدِرَ عَلَيْهِمْ - وَلَمْ يَكُنْ أُقِيمَ الْحَدُّ - أُقِيمَتْ فِيهِمْ حُدُودُ اللَّهِ،
_________
(١) الشرح الصغير ٤ / ٤٣٠، والتاج والإكليل ٦ / ٢٧٩، وحاشية الدسوقي ٤ / ٣٠٠، والمهذب ٢ / ٢٢١، والمغني ٨ / ١١٨.
(٢) الفتح ٤ / ١١٥، ١١٦، والبدائع ٧ / ١٣١.