الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٨

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٨ -

ابْنُ عُمَرَ إِذَا أَتَاهُ سَاعِي نَجْدَةَ الْحَرُورِيِّ دَفَعَ إِلَيْهِ زَكَاتَهُ، وَكَذَلِكَ سَلَمَةُ بْنُ الأَْكْوَعِ.

وَلَيْسَ لإِمَامِ أَهْل الْعَدْل إِذَا ظَهَرَ عَلَى هَذِهِ الْبِلاَدِ أَنْ يُطَالِبَ بِشَيْءٍ مِمَّا جَبَوْهُ، وَلاَ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ أُخِذَ مِنْهُ، وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَسَلَمَةَ بْنِ الأَْكْوَعِ؛ وَلأَِنَّ وِلاَيَةَ الأَْخْذِ كَانَتْ لَهُ بِاعْتِبَارِ الْحِمَايَةِ، وَلَمْ يَحْمِهِمْ؛ وَلأَِنَّ فِي تَرْكِ الاِحْتِسَابِ بِهَا ضَرَرًا عَظِيمًا وَمَشَقَّةً كَبِيرَةً، فَإِنَّهُمْ قَدْ يَغْلِبُونَ عَلَى الْبِلاَدِ السِّنِينَ الْكَثِيرَةَ، فَلَوْ لَمْ يُحْتَسَبْ مَا أَخَذُوهُ، أَدَّى إِلَى أَخْذِ الصَّدَقَاتِ مِنْهُمْ عَنْ كُل تِلْكَ الْمُدَّةِ (١) .

وَقَال أَبُو عُبَيْدٍ: عَلَى مَنْ أَخَذُوا مِنْهُ الزَّكَاةَ الإِْعَادَةُ؛ لأَِنَّهُ أَخَذَهَا مَنْ لاَ وِلاَيَةَ لَهُ صَحِيحَةٌ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَخَذَهَا آحَادُ الرَّعِيَّةِ (٢) .

وَذَهَبَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ إِمَامُ أَهْل الْبَغْيِ صَرَفَ مَا أَخَذَهُ فِي مَصْرِفِهِ أَجْزَأَ مَنْ أُخِذَ مِنْهُ، وَلاَ إِعَادَةَ عَلَيْهِ؛ لِوُصُول الْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَرَفَهُ فِي حَقِّهِ فَعَلَى مَنْ أُخِذَ مِنْهُمْ أَنْ يُعِيدُوا دَفْعَهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَصِل إِلَى مُسْتَحِقِّهِ. وَقَال الْكَمَال ابْنُ الْهُمَامِ: قَال الْمَشَايِخُ: لاَ إِعَادَةَ عَلَى

_________

(١) الفتح ٤ / ٤١٣، والبدائع ٧ / ١٤٢، والمهذب ٢ / ٢٢١، ونهاية المحتاج ٧ / ٣٨٥، والمغني ٨ / ١١٨، وكشاف القناع ٦ / ١٦٥، والكافي لابن عبد البر ١ / ٤٨٦، ومنح الجليل ١ / ٣٣٦.

(٢) المغني ٨ / ١١٨.