الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٨ - حرف الباء - بغاة - تصرفات إمام البغاة - جباية الزكاة والجزية والعشور والخراج
إِعْطَاءُ الأَْمَانِ لِلْبَاغِي مِنَ الْعَادِل:
٣٤ - صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ إِذَا أَمَّنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْل الْعَدْل رَجُلًا مِنْ أَهْل الْبَغْيِ جَازَ أَمَانُهُ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ أَعْلَى شِقَاقًا مِنَ الْكَافِرِ الَّذِي يَجُوزُ إِعْطَاءُ الأَْمَانِ لَهُ. فَكَذَا هَذَا، بَل هُوَ أَوْلَى وَأَحَقُّ؛ لأَِنَّهُ مُسْلِمٌ، وَقَدْ يُحْتَاجُ إِلَى مُنَاظَرَتِهِ لِيَتُوبَ، وَلاَ يَتَأَتَّى ذَلِكَ مَا لَمْ يَأْمَنْ كُلٌّ الآْخَرَ. وَلَوْ دَخَل بَاغٍ بِأَمَانٍ، فَقَتَلَهُ عَادِلٌ عَمْدًا، لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ (١) .
تَصَرُّفَاتُ إِمَامِ الْبُغَاةِ
إِذَا اسْتَوْلَى الْبُغَاةُ عَلَى بَلَدٍ فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ، وَنَصَّبُوا لَهُمْ إِمَامًا، وَأَحْدَثَ الإِْمَامُ تَصَرُّفَاتٍ بِاعْتِبَارِهِ حَاكِمًا، كَالْجِبَايَةِ مِنْ جَمْعِ الزَّكَاةِ وَالْعُشُورِ وَالْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ، وَاسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ وَالتَّعَازِيرِ وَإِقَامَةِ الْقُضَاةِ، فَهَل تَنْفُذُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ، وَتَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا آثَارُهَا فِي حَقِّ أَهْل الْعَدْل؟ بَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي:
أ - جِبَايَةُ الزَّكَاةِ وَالْجِزْيَةِ وَالْعُشُورِ وَالْخَرَاجِ:
٣٥ - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ مَا جَبَاهُ أَهْل الْبَغْيِ مِنَ الْبِلاَدِ الَّتِي غَلَبُوا عَلَيْهَا، مِنَ الزَّكَاةِ وَالْجِزْيَةِ وَالْعُشُورِ وَالْخَرَاجِ، يُعْتَدُّ بِهِ؛ لأَِنَّ مَا فَعَلُوهُ أَوْ أَخَذُوهُ كَانَ بِتَأْوِيلٍ سَائِغٍ، فَوَجَبَ إِمْضَاؤُهُ، كَالْحَاكِمِ إِذَا حَكَمَ بِمَا يَسُوغُ الاِجْتِهَادُ فِيهِ، وَلاَ حَرَجَ عَلَى النَّاسِ فِي دَفْعِ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ، فَقَدْ كَانَ
_________
(١) الفتح ٤ / ٤١٦، ورد المحتار وحاشية ابن عابدين ٣ / ٣١٢.