الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٨ -
وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَالْوَاجِبُ عَلَى كُل مُسْلِمٍ أَنْ يَعْتَزِل الْفِتْنَةَ، وَيَقْعُدَ فِي بَيْتِهِ " فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَكُنْ إِمَامٌ. أَمَّا مَا رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ: إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِل وَالْمَقْتُول فِي النَّارِ (١) فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى اقْتِتَالِهِمَا حَمِيَّةً وَعَصَبِيَّةً، أَوْ لأَِجْل الدُّنْيَا وَالْمُلْكِ. وَلَوْ كَانَ السُّلْطَانُ ظَالِمًا، وَبَغَتْ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ لِرَفْعِ الظُّلْمِ، وَطُلِبَ مِنْهُ ذَلِكَ فَلَمْ يَسْتَجِبْ، فَلاَ يَنْبَغِي لِلنَّاسِ مُعَاوَنَةُ السُّلْطَانِ وَلاَ مُعَاوَنَةُ الْبُغَاةِ (٢)؛ إِذْ غَيْرُ الْعَدْل لاَ تَجِبُ مُعَاوَنَتُهُ. قَال مَالِكٌ: دَعْهُ وَمَا يُرَادُ مِنْهُ، يَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنَ الظَّالِمِ بِظَالِمٍ، ثُمَّ يَنْتَقِمُ مِنْ كِلَيْهِمَا (٣) . وَيَنُصُّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى مَنْ خَرَجُوا عَلَى الإِْمَامِ - وَلَوْ جَائِرًا - يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إِعَانَتُهُ مِمَّنْ قَرُبَ مِنْهُمْ، حَتَّى تَبْطُل شَوْكَتُهُمْ (٤) .
وَيَدُل عَلَى وُجُوبِ مَعُونَةِ الإِْمَامِ لِدَفْعِ الْبُغَاةِ مَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو ﵄ قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَقُول: مَنْ أَعْطَى إِمَامًا
_________
(١) حديث: " إذا التقى المسلمان بسيفيهما. . . . " أخرجه البخاري (الفتح ١٣ / ٣١ - ط السلفية) ومسلم (٤ / ٢٢١٤ - ط الحلبي) .
(٢) الدر المختار وحاشية ابن عابدين ٣ / ٣١١، وفتح القدير ٤ / ٤١١، والبدائع ٧ / ١٤٠، وحاشية الدسوقي ٤ / ٣٩٩، وحاشية الشبراملسي مع نهاية المحتاج ٧ / ٣٨٥، والمغني ٨ / ١٠٧، كشاف القناع ٦ / ١٦٢.
(٣) حاشية الدسوقي ٤ / ٢٩٩.
(٤) حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج ٧ / ٣٨٥.