الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٨ -
الصَّدَقَةِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَْذَى﴾ (١) وَقَال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ . (٢)
٦ - وَيُوَضِّحُ الشَّاطِبِيُّ ذَلِكَ فَيَقُول: (٣) يُرَادُ بِالْبُطْلاَنِ إِطْلاَقَانِ:
أَحَدُهُمَا: عَدَمُ تَرَتُّبِ آثَارِ الْعَمَل عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا، كَمَا نَقُول فِي الْعِبَادَاتِ: إِنَّهَا غَيْرُ مُجْزِئَةٍ وَلاَ مُبَرِّئَةٍ لِلذِّمَّةِ وَلاَ مُسْقِطَةٍ لِلْقَضَاءِ، فَهِيَ بَاطِلَةٌ بِهَذَا الْمَعْنَى لِمُخَالَفَتِهَا لِمَا قَصَدَ الشَّارِعُ فِيهَا. وَقَدْ تَكُونُ بَاطِلَةً لِخَلَلٍ فِي بَعْضِ أَرْكَانِهَا أَوْ شُرُوطِهَا، كَكَوْنِهَا نَاقِصَةً رَكْعَةً أَوْ سَجْدَةً.
وَنَقُول أَيْضًا فِي الْعَادَاتِ: إِنَّهَا بَاطِلَةٌ، بِمَعْنَى عَدَمِ حُصُول فَوَائِدِهَا بِهَا شَرْعًا، مِنْ حُصُول إِمْلاَكٍ وَاسْتِبَاحَةِ فُرُوجٍ وَانْتِفَاعٍ بِالْمَطْلُوبِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يُرَادَ بِالْبُطْلاَنِ عَدَمُ تَرَتُّبِ آثَارِ الْعَمَل عَلَيْهِ فِي الآْخِرَةِ، وَهُوَ الثَّوَابُ. فَتَكُونُ الْعِبَادَةُ بَاطِلَةً بِالإِْطْلاَقِ الأَْوَّل، فَلاَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا جَزَاءٌ؛ لأَِنَّهَا غَيْرُ مُطَابِقَةٍ لِمُقْتَضَى الأَْمْرِ بِهَا،
_________
(١) سورة البقرة / ٦٤ م.
(٢) سورة محمد / ٣٣.
(٣) الموافقات للشاطبي ١ / ٢٩٢، والمنح ١ / ٨٩.