الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٨ - حرف الباء - بطلان - عدم التلازم بين بطلان التصرف في الدنيا وبطلان أثره في الآخرة
عَلَى وَجْهٍ مَشْرُوعٍ، يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي مُتَعَلَّقِهِمَا.
فَالْعَقْدُ الْفَاسِدُ مُنْعَقِدٌ بِأَصْلِهِ، وَلَكِنَّهُ فَاسِدٌ بِوَصْفِهِ، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. فَالاِنْعِقَادُ ضِدُّ الْبُطْلاَنِ. (١)
عَدَمُ التَّلاَزُمِ بَيْنَ بُطْلاَنِ التَّصَرُّفِ فِي الدُّنْيَا وَبُطْلاَنِ أَثَرِهِ فِي الآْخِرَةِ:
٥ - لاَ تَلاَزُمَ بَيْنَ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ أَوْ بُطْلاَنِهِ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا، وَبَيْنَ بُطْلاَنِ أَثَرِهِ فِي الآْخِرَةِ، فَقَدْ يَكُونُ مَحْكُومًا عَلَيْهِ بِالصِّحَّةِ فِي الدُّنْيَا، لاِسْتِكْمَالِهِ الأَْرْكَانَ وَالشُّرُوطَ الْمَطْلُوبَةَ شَرْعًا، لَكِنِ اقْتَرَنَ بِهِ مِنَ الْمَقَاصِدِ وَالنِّيَّاتِ مَا يُبْطِل ثَمَرَتَهُ فِي الآْخِرَةِ، فَلاَ يَكُونُ لَهُ عَلَيْهِ ثَوَابٌ، بَل قَدْ يَلْزَمُهُ الإِْثْمُ، وَدَلِيل ذَلِكَ قَوْل النَّبِيِّ ﷺ: إِنَّمَا الأَْعْمَال بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُل امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ (٢) وَقَدْ يَصِحُّ الْعَمَل وَيَسْتَحِقُّ عَامِلُهُ الثَّوَابَ، وَلَكِنْ يُتْبِعُهُ صَاحِبُهُ عَمَلًا يُبْطِلُهُ، فَالْمَنُّ وَالأَْذَى يُبْطِل أَجْرَ
_________
(١) التلويح على التوضيح ٢ / ١٢٣، ودرر الحكام ١ / ٩٢ م ١٠٤، وفتح القدير ٥ / ٤٥٦ ط دار إحياء التراث، وحاشية ابن عابدين ٤ / ٧، والمنثور في القواعد ٢ / ٣٠٣.
(٢) حديث: " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى. . . " أخرجه البخاري (الفتح ١ / ٩ - ط السلفية) ومسلم (٣ / ١٥١٥ - ط الحلبي) واللفظ للبخاري.