الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٨ -
فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ (١) وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّهَا أَيَّةٌ مِنَ الْفَاتِحَةِ، وَمِنْ كُل سُورَةٍ. وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَمَا قَال بِهِ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ هُوَ: إِنَّ الْبَسْمَلَةَ لَيْسَتْ آيَةً مِنَ الْفَاتِحَةِ وَمِنْ كُل سُورَةٍ، وَإِنَّهَا آيَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ كُلِّهِ، أُنْزِلَتْ لِلْفَصْل بَيْنَ السُّوَرِ، وَذُكِرَتْ فِي أَوَّل الْفَاتِحَةِ.
وَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: يَقُول اللَّهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلاَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، فَإِذَا قَال الْعَبْدُ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، قَال اللَّهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، فَإِذَا قَال: ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، قَال اللَّهُ تَعَالَى: مَجَّدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَال: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾، قَال اللَّهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَال: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾، قَال اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَل (٢) فَالْبَدَاءَةُ بِقَوْلِهِ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ لَيْسَتْ آيَةً مِنْ أَوَّل الْفَاتِحَةِ. إِذْ لَوْ كَانَتْ آيَةً مِنَ الْفَاتِحَةِ لَبَدَأَ بِهَا، وَأَيْضًا: لَوْ كَانَتِ الْبَسْمَلَةُ آيَةً مِنْهَا لَمْ تَتَحَقَّقِ الْمُنَاصَفَةُ، فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي النِّصْفِ الأَْوَّل أَرْبَعُ آيَاتٍ إِلاَّ نِصْفًا،
_________
(١) سورة النمل / ٣٠.
(٢) حديث: يقول الله تعالى: " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي. . . " أخرجه مسلم (١ / ٢٩٦ ط عيسى البابي الحلبي)