الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٨ - حرف الباء - بدعة - توبة المبتدع
تَوْبَةُ الْمُبْتَدِعِ:
٣٣ - اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَبُول تَوْبَةِ الْمُبْتَدِعِ الْمُكَفَّرِ بِبِدْعَتِهِ، فَقَال جُمْهُورُ كُلٍّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ بِقَبُول تَوْبَتِهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ (١) وَلِقَوْلِهِ ﷺ: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِل النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ (٢)
وَمِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ مَنْ يَرَى أَنَّ تَوْبَةَ الْمُبْتَدِعِ لاَ تُقْبَل إِذَا كَانَ مِمَّنْ يُظْهِرُ الإِْسْلاَمَ وَيُبْطِنُ الْكُفْرَ، كَالْمُنَافِقِ وَالزِّنْدِيقِ وَالْبَاطِنِيِّ؛ لأَِنَّ تَوْبَتَهُ صَدَرَتْ عَنْ خَوْفٍ؛ وَلأَِنَّهُ لاَ تَظْهَرُ مِنْهُ عَلاَمَةٌ تُبَيِّنُ صِدْقَ تَوْبَتِهِ، حَيْثُ كَانَ مُظْهِرًا لِلإِْسْلاَمِ مُسِرًّا لِلْكُفْرِ، فَإِذَا أَظْهَرَ التَّوْبَةَ لَمْ يَزِدْ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ قَبْلَهَا، وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِبَعْضِ الأَْحَادِيثِ، وَمِنْهَا قَوْلُهُ ﷺ: سَيَخْرُجُ فِي أُمَّتِي أَقْوَامٌ تَجَارَى بِهِمْ تِلْكَ الأَْهْوَاءُ، كَمَا يَتَجَارَى الْكَلْبُ بِصَاحِبِهِ، لاَ يَبْقَى مِنْهُ عِرْقٌ وَلاَ مِفْصَلٌ إِلاَّ دَخَلَهُ. (٣)
_________
(١) سورة الأنفال / ٣٨.
(٢) حديث: " أمرت أن أقاتل الناس. . . . " أخرجه البخاري (الفتح ٦ / ١١٢ - ط السلفية) ومسلم (١ / ٥٣ - ط الحلبي) .
(٣) حديث: " سيخرج في أمتي أقوام. . " أخرجه أحمد (٤ / ١٠٢ - ط الميمنية) وأبو داود (٥ / ٥ - ط عزت عبيد دعاس) وحسنه ابن حجر في تخريج أحاديث الكشاف (٢ / ٨٣ - ط دار الكتاب العربي) .