الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٨ -
بِخِلاَفِ الاِخْتِرَاعِ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا.
الثَّانِي أَنَّهَا: طَرِيقَةٌ فِي الدِّينِ مُخْتَرَعَةٌ تُضَاهِي الشَّرِيعَةَ يُقْصَدُ بِالسُّلُوكِ عَلَيْهَا مَا يُقْصَدُ بِالطَّرِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ. (١) وَبِهَذَا التَّعْرِيفِ تَدْخُل الْعَادَاتُ فِي الْبِدَعِ إِذَا ضَاهَتِ الطَّرِيقَةَ الشَّرْعِيَّةَ، كَالنَّاذِرِ لِلصِّيَامِ قَائِمًا لاَ يَقْعُدُ مُتَعَرِّضًا لِلشَّمْسِ لاَ يَسْتَظِل، وَالاِقْتِصَارِ فِي الْمَأْكَل وَالْمَلْبَسِ عَلَى صِنْفٍ دُونَ صِنْفٍ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ. (٢)
وَاسْتَدَل الْقَائِلُونَ بِذَمِّ الْبِدْعَةِ مُطْلَقًا بِأَدِلَّةٍ مِنْهَا:
(أ) أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّ الشَّرِيعَةَ قَدْ كَمُلَتْ قَبْل وَفَاةِ الرَّسُول ﷺ فَقَال سُبْحَانَهُ: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِْسْلاَمَ دِينًا﴾ (٣) فَلاَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَجِيءَ إِنْسَانٌ وَيَخْتَرِعَ فِيهَا شَيْئًا؛ لأَِنَّ الزِّيَادَةَ عَلَيْهَا تُعْتَبَرُ اسْتِدْرَاكًا عَلَى اللَّهِ ﷾. وَتُوحِي بِأَنَّ الشَّرِيعَةَ نَاقِصَةٌ، وَهَذَا يُخَالِفُ مَا جَاءَ فِي كِتَابِ اللَّهِ.
(ب) وَرَدَتْ آيَاتٌ قُرْآنِيَّةٌ تَذُمُّ الْمُبْتَدِعَةَ فِي الْجُمْلَةِ، مِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَنَّ هَذَا
_________
(١) الاعتصام للشاطبي ١ / / ١٩ ط التجارية.
(٢) التعريف الأول للشاطبي خص البدعة بالاختراع في الدين، بخلاف الاختراع في الدنيا فلا يسمى بدعة، وبهذا القيد تنفصل العلوم الخادمة للدين عن البدعة، مثل علم النحو والصرف.
(٣) سورة المائدة / ٣.