الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٧ -
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لاَ يَحْنَثُ مَنْ خَالَفَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ مَقْهُورًا، وَلاَ تَنْحَل الْيَمِينُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ، وَلاَ يَحْنَثُ أَيْضًا إِنْ تَعَذَّرَ الْبِرُّ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ.
وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْجَهْل: مَا لَوْ حَلَفَ لاَ يُسَلِّمُ عَلَى زَيْدٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فِي ظُلْمَةٍ وَهُوَ لاَ يَعْرِفُ أَنَّهُ زَيْدٌ، وَمَا لَوْ حَلَفَ لاَ يَدْخُل عَلَى بَكْرٍ، فَدَخَل دَارًا هُوَ فِيهَا وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ فِيهَا.
وَأَمْثِلَةُ النِّسْيَانِ وَالإِْكْرَاهِ ظَاهِرَةٌ.
وَمِثَال الْقَهْرِ: مَا لَوْ حَلَفَ: لاَ يَدْخُل دَارَ خَالِدٍ، فَحُمِل وَأُدْخِل قَهْرًا، وَيُلْحَقُ بِهِ مَنْ حُمِل بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَلَمْ يَمْتَنِعْ؛ لأَِنَّهُ لاَ يُسَمَّى دَاخِلًا، بِخِلاَفِ مَنْ حُمِل بِأَمْرِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لأَِنَّهُ يُسَمَّى دَاخِلًا، كَمَا لَوْ رَكِبَ دَابَّةً وَدَخَل بِهَا.
وَمِنْ صُوَرِ تَعَذُّرِ الْبِرِّ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، مَا لَوْ قَال: وَاللَّهِ لآَكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ غَدًا، فَتَلِفَ الطَّعَامُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْحَالِفِ، أَوْ مَاتَ الْحَالِفُ قَبْل فَجْرِ الْغَدِ، فَإِنَّهُ لاَ يَحْنَثُ، بِخِلاَفِ مَا لَوْ تَلِفَ بِاخْتِيَارِهِ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، وَفِي وَقْتِ حِنْثِهِ خِلاَفٌ، فَقِيل: هُوَ وَقْتُ التَّلَفِ، وَقِيل: هُوَ غُرُوبُ شَمْسِ الْغَدِ، وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْحِنْثَ يَتَحَقَّقُ بِمُضِيِّ زَمَنِ إِمْكَانِ الأَْكْل مِنْ فَجْرِ الْغَدِ.
وَمِنْ صُوَرِ الْفَوْتِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ: مَا لَوْ تَلِفَ فِي الْغَدِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، أَوْ مَاتَ فِي الْغَدِ قَبْل التَّمَكُّنِ مِنْ أَكْلِهِ. (١)
وَقَالُوا أَيْضًا: لَوْ حَلَفَ لاَ يَأْكُل هَذَيْنِ الرَّغِيفَيْنِ، أَوْ لاَ يَلْبَسُ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ، أَوْ لَيَفْعَلَنَّ ذَلِكَ، تَعَلَّقَ الْحِنْثُ وَالْبِرُّ بِالْمَجْمُوعِ وَلَوْ مُتَفَرِّقًا، وَكَذَا لَوْ عَطَفَ
_________
(١) الوجيز للغزالي ٢ / ٢٢٩ - ٢٣٢، وشرح الروض ٤ / ٢٦٨، ٢٦٩.