الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٧ - تراجم الفقهاء - أيمان - أحكام اليمين القسمية - أحكام اليمين المعقودة - الحكم المترتب على البر والحنث
وَجَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَال لِرَسُول اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي: أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأْتُ؟ فَقَال: أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا. قَال: فَوَاللَّهِ لَتُحَدِّثُنِي بِالَّذِي أَخْطَأْتُ، قَال: لاَ تُقْسِمْ (١)
فَقَوْلُهُ ﷺ " لاَ تُقْسِمْ " مَعْنَاهُ لاَ تُكَرِّرِ الْقَسَمَ الَّذِي أَتَيْتَ بِهِ؛ لأَِنِّي لَنْ أُجِيبَكَ، وَلَعَل هَذَا الصَّنِيعَ مِنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، فَإِنَّهُ ﵊ لاَ يَفْعَل خِلاَفَ الْمُسْتَحْسَنِ إِلاَّ بِقَصْدِ بَيَانِ الْجَوَازِ، وَهُوَ يَدُل عَلَى أَنَّ الأَْمْرَ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ لَيْسَ لِلْوُجُوبِ، بَل لِلاِسْتِحْبَابِ. (٢)
ج - الْحُكْمُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الْبِرِّ وَالْحِنْثِ:
١٢٠ - الْيَمِينُ الْمَعْقُودَةُ إِذَا بَرَّ فِيهَا الْحَالِفُ لَمْ تَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ كَمَا لاَ يَخْفَى، وَإِذَا حَنِثَ - بِأَنِ انْتَفَى مَا أَثْبَتَهُ أَوْ ثَبَتَ مَا نَفَاهُ - لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ، سَوَاءٌ أَكَانَ حَالِفًا عَلَى فِعْل مَعْصِيَةٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ أَمْ لاَ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ كَاذِبًا عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَمْ لاَ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ قَاصِدًا لِلْحَلِفِ أَمْ لاَ.
هَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ، فَهُمْ يُوجِبُونَ الْكَفَّارَةُ عَلَى مَنْ حَنِثَ فِي الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى عَلَى أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ لَيْسَ مُسْتَحِيلًا عَقْلًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَلَيْسَ مُسْتَحِيلًا عَادَةً أَيْضًا عِنْدَ زُفَرَ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْحَالِفُ قَاصِدًا أَمْ غَيْرَ قَاصِدٍ، وَكَذَا مَنْ حَلَفَ بِتَعْلِيقِ الْكُفْرِ.
_________
(١) حديث: " أصبت بعضا. . . " أخرجه البخاري (الفتح ١٢ / ٤٣١) ط السلفية، ومسلم (٤ / ١٧٧٧، ١٧٧٨) ط عيسى الحلبي.
(٢) نهاية المحتاج ٨ / ١٦٩، وتحفة المحتاج بحاشية الشرواني ٨ / ٢١٤، والمغني بأعلى الشرح الكبير ١١ / ٢٤٧، ومطالب أولي النهى ٦ / ٣٦٧ - ٣٦٨.