الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٧

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٧ - تراجم الفقهاء - إيصاء - حكم الإيصاء بالنسبة للموصي

حُكْمُ الإِْيصَاءِ مِنْ حَيْثُ هُوَ:

٦ - الأَْصْل فِي الإِْيصَاءِ إِلَى الْغَيْرِ أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ، وَذَلِكَ لأَِنَّ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ تَتَوَقَّفُ عَلَى الْوِلاَيَةِ عَلَيْهِ مِمَّنْ صَدَرَ عَنْهُ، وَالْمُوصِي تَنْتَهِي وِلاَيَتُهُ بِالْمَوْتِ، إِلاَّ أَنَّ الشَّرْعَ أَجَازَهُ اسْتِثْنَاءً مِنْ هَذَا الأَْصْل، وَذَلِكَ لِمَا رُوِيَ أَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ كَانَ يُوصِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، مِنْ غَيْرِ إِنْكَارٍ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ، فَاعْتُبِرَ هَذَا إِجْمَاعًا مِنْهُمْ عَلَى الْجَوَازِ. رَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَال: أَوْصَى إِلَى الزُّبَيْرِ سَبْعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، مِنْهُمْ عُثْمَانُ، وَالْمِقْدَادُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَمُطِيعُ بْنُ الأَْسْوَدِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّهُ لَمَّا عَبَرَ الْفُرَاتَ أَوْصَى إِلَى عُمَرَ. وَرُوِيَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَدْ أَوْصَى فَكَتَبَ: إِنْ حَدَثَ بِي حَادِثُ الْمَوْتِ مِنْ مَرَضِي هَذَا، فَمَرْجِعُ وَصِيَّتِي إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ، ثُمَّ إِلَى الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ.

وَلأَِنَّ الإِْيصَاءَ وَكَالَةٌ وَأَمَانَةٌ فَأَشْبَهَ الْوَدِيعَةَ وَالْوَكَالَةَ فِي الْحَيَاةِ، وَكِلاَهُمَا جَائِزٌ، فَكَذَلِكَ الإِْيصَاءُ. (١)

حُكْمُ الإِْيصَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُوصِي:

٧ - الإِْيصَاءُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُوصِي يَكُونُ وَاجِبًا عَلَيْهِ إِذَا كَانَ بِرَدِّ الْمَظَالِمِ، وَقَضَاءِ الدُّيُونِ الْمَجْهُولَةِ، أَوِ الَّتِي يَعْجِزُ عَنْهَا فِي الْحَال؛ لأَِنَّ أَدَاءَهَا وَاجِبٌ، وَالإِْيصَاءُ هُوَ الْوَسِيلَةُ لأَِدَائِهِ، فَيَكُونُ وَاجِبًا مِثْلَهُ. وَكَذَلِكَ الإِْيصَاءُ عَلَى الأَْوْلاَدِ الصِّغَارِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ إِذَا خِيفَ عَلَيْهِمُ الضَّيَاعُ؛ لأَِنَّ فِي هَذَا الإِْيصَاءِ صِيَانَةً

_________

(١) مغني المحتاج ٣ / ٧٣، ٧٤، والمغني لابن قدامة ٦ / ١٤٤.