الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٧ -
رَسُول اللَّهِ ﷺ لَيْلَةً، فَقَال بَعْضُ الْقَوْمِ: لَوْ عَرَّسْتَ بِنَا يَا رَسُول اللَّهِ، قَال: أَخَافُ أَنْ تَنَامُوا عَنِ الصَّلاَةِ، قَال بِلاَلٌ: أَنَا أُوقِظُكُمْ، فَاضْطَجَعُوا، وَأَسْنَدَ بِلاَلٌ ظَهْرَهُ إِلَى رَاحِلَتِهِ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فَنَامَ، فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ ﷺ وَقَدْ طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَقَال: يَا بِلاَل أَيْنَ مَا قُلْتَ؟ فَقَال: مَا أُلْقِيَتْ عَلَيَّ نَوْمَةٌ مِثْلُهَا قَطُّ، قَال: إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ، وَرَدَّهَا عَلَيْكُمْ حِينَ شَاءَ، يَا بِلاَل قُمْ فَأَذِّنِ النَّاسَ بِالصَّلاَةِ، فَتَوَضَّأْ، فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ، وَابْيَاضَّتْ، قَامَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ (١) غَيْرَ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَوْ نَامَ تَفُوتُهُ الصَّلاَةُ يُكَلِّفُ أَحَدًا بِإِيقَاظِهِ، وَهُوَ مَا يُفْهَمُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ. (٢) وَقَدْ قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّهُ يُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْل صَلاَةِ الْعِشَاءِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيَّةِ وَأَحْمَدَ، لِحَدِيثِ أَنَّهُ ﷺ كَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا. (٣)
وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ يُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْل الصَّلاَةِ فِي جَمِيعِ الأَْوْقَاتِ، وَالظَّاهِرُ عِنْدَهُمْ كَرَاهَةُ النَّوْمِ بَعْدَ دُخُول الْوَقْتِ، أَمَّا قَبْل دُخُولِهِ فَجَائِزٌ عِنْدَهُمْ. (٤)
٣٩ - أَمَّا تَأْخِيرُ الصَّلاَةِ عَنْ وَقْتِهَا، أَوْ تَقْدِيمُهَا بِعُذْرِ السَّفَرِ أَوِ الْمَطَرِ، فَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى جَوَازِ الْجَمْعِ بِعُذْرِ
_________
(١) حديث أبي قتادة " سرنا مع رسول الله ﷺ. . . " أخرجه البخاري، وزيادة " بالناس " عند أبي داود فقط. (فتح الباري ٢ / ٦٦، ٦٧ ط السلفية، وسنن أبي داود ١ / ٣٠٧ ط عزت عبيد دعاس) .
(٢) حاشية ابن عابدين ١ / ٢٤٦، وبلغة السالك في أوقات الصلاة ١ / ٢٣٢ وما بعدها.
(٣) حديث: " كان النبي ﷺ يكره النوم قبلها. . . " أخرجه البخاري (الفتح ٢ / ٤٩ - ط السلفية) ومسلم (١ / ٤٤٧ ط الحلبي) .
(٤) رد المحتار ١ / ٢٤٦، وشرح المحلى على المنهاج ١ / ١١٥.