الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٧ -
الْوِتْرِ هُوَ بِعَيْنِهِ مَبْدَأُ وَقْتِ الْعِشَاءِ، وَهُوَ مَغِيبُ الشَّفَقِ الأَْبْيَضِ، إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يُصَلَّى الْوِتْرُ قَبْل الْعِشَاءِ لِلتَّرْتِيبِ اللاَّزِمِ بَيْنَهُمَا. وَذَهَبَ الصَّاحِبَانِ إِلَى أَنَّ مَبْدَأَ وَقْتِهِ بَعْدَ صَلاَةِ الْعِشَاءِ، وَهُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ. (١)
اسْتَدَل أَبُو حَنِيفَةَ بِدَلِيلٍ مَعْقُولٍ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُصَل الْعِشَاءَ حَتَّى طُلُوعِ الْفَجْرِ، لَزِمَهُ قَضَاءُ الْوِتْرِ وَالْعِشَاءِ بِاتِّفَاقٍ، وَلَوْ كَانَ وَقْتُهُ بَعْدَ صَلاَةِ الْعِشَاءِ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءُ الْوِتْرِ لأَنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ وَقْتُهُ؛ لأَِنَّ وَقْتَهُ بَعْدَ صَلاَةِ الْعِشَاءِ، وَهُوَ لَمْ يُصَلِّهَا، وَيَسْتَحِيل أَنْ تَنْشَغِل ذِمَّتُهُ بِصَلاَةِ الْوِتْرِ بِدُونِ فِعْل الْعِشَاءِ، فَدَل ذَلِكَ عَلَى أَنَّ وَقْتَهُ هُوَ وَقْتُ الْعِشَاءِ.
وَاسْتَدَل الْجُمْهُورُ بِقَوْلِهِ ﷺ: إِنَّ اللَّهَ زَادَكُمْ صَلاَةً، فَصَلُّوهَا فِيمَا بَيْنَ الْعِشَاءِ إِلَى صَلاَةِ الصُّبْحِ: الْوِتْرُ، الْوِتْرُ (٢) وَكَلِمَةُ (بَيْنَ) فِي الْحَدِيثِ تَدُل عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ بَعْدَ الْعِشَاءِ.
وَالْخِلاَفُ بَيْنَ الْجُمْهُورِ وَبَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ حَقِيقِيٌّ، يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي حَال مَا إِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ بِغَيْرِ وُضُوءٍ نَاسِيًا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَصَلَّى الْوِتْرَ، ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ صَلَّى الْعِشَاءَ بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُعِيدُ الْعِشَاءَ دُونَ الْوِتْرِ؛ لأَِنَّهُ صَلَّى الْعِشَاءَ بِغَيْرِ وُضُوءٍ، أَمَّا الْوِتْرُ
_________
(١) انظر حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص ٢٨٨، وابن عابدين ١ / ٢٤١، ٢٤٧، وجواهر الإكليل ١ / ٧٥، وقليوبي ١ / ٢١٢، والمغني ٢ / ١٦١.
(٢) حديث: " إن الله زادكم صلاة فصلوها فيما بين العشاء إلى صلاة الصبح الوتر الوتر. . . " روي بعدة طرق منها ما أخرجه أحمد والطبراني في الكبير من حديث أبي بصرة الغفاري، قال الهيثمي: له إسنادان عند أحمد، أحدهما رجاله رجال الصحيح عدا علي بن إسحاق السلمي شيخ أحمد وهو ثقة. (مجمع الزوائد ٢ / ٢٣٩ نشر مكتبة القدسي، ونصب الراية ٢ / ١٠٨ وما بعدها) .