الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٧

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٧ - تراجم الفقهاء - أهل الذمة - المعاملات المالية لأهل الذمة - المعاملة بالخمر والخنزير

الْمُعَامَلاَتِ وَالتِّجَارَاتِ كَالْبُيُوعِ وَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ كَالْمُسْلِمِينَ (١)، وَمِثْلُهُ مَا قَالَهُ الإِْمَامُ السَّرَخْسِيُّ فِي الْمَبْسُوطِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْكَاسَانِيُّ فِي الْبَدَائِعِ حَيْثُ قَال: كُل مَا جَازَ مِنْ بُيُوعِ الْمُسْلِمِينَ جَازَ مِنْ بُيُوعِ أَهْل الذِّمَّةِ، وَمَا يَبْطُل أَوْ يَفْسُدُ مِنْ بُيُوعِ الْمُسْلِمِينَ يَبْطُل وَيَفْسُدُ مِنْ بُيُوعِهِمْ، إِلاَّ الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ (٢) .

بَل إِنَّ الشَّافِعِيَّةَ صَرَّحُوا بِبُطْلاَنِ بَيْعِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ بَيْنَهُمْ أَيْضًا قَبْل الْقَبْضِ. وَكَلاَمُ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَيْضًا يَدُل عَلَى صِحَّةِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فِي الْجُمْلَةِ؛ لأَِنَّ أَهْل الذِّمَّةِ مِنْ أَهْل دَارِ الإِْسْلاَمِ، وَمُلْتَزِمُونَ أَحْكَامَ الإِْسْلاَمِ فِي الْمُعَامَلاَتِ (٣) .

قَال الإِْمَامُ الشَّافِعِيُّ فِي الأُْمِّ: تَبْطُل بَيْنَهُمُ الْبُيُوعُ الَّتِي تَبْطُل بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ كُلِّهَا، فَإِذَا مَضَتْ وَاسْتُهْلِكَتْ لَمْ نُبْطِلْهَا وَقَال: فَإِنْ جَاءَ رَجُلاَنِ مِنْهُمْ قَدْ تَبَايَعَا خَمْرًا وَلَمْ يَتَقَابَضَاهَا أَبْطَلْنَا الْبَيْعَ، وَإِنْ تَقَابَضَاهَا لَمْ نَرُدَّهُ؛ لأَِنَّهُ قَدْ مَضَى (٤) .

إِلاَّ أَنَّ هُنَاكَ مَا يُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ نُجْمِلُهُ فِيمَا يَلِي:

أ - الْمُعَامَلَةُ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ:

٢٨ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ تَجُوزُ الْمُعَامَلَةُ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مُطْلَقًا؛ لأَِنَّهُمَا لاَ يُعْتَبَرَانِ مَالًا مُتَقَوِّمًا عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ

_________

(١) تفسير الأحكام للجصاص ٢ / ٤٣٦، وانظر ابن عابدين ٣ / ٢٧٦.

(٢) المبسوط للسرخسي ١٠ / ٨٤، والبدائع للكاساني ٤ / ١٧٦.

(٣) المغني ٨ / ٥٠٥، ٥ / ٥١٥، وكشاف القناع ٣ / ١١٧، وجواهر الإكليل ٢ / ٢٥، ١٨١.

(٤) الأم للشافعي ٤ / ٢١١.