الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٧

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٧ - تراجم الفقهاء - أهل الذمة - المعاملات المالية لأهل الذمة

رَابِعًا - اخْتِيَارُ الْعَمَل:

٢٦ - يَتَمَتَّعُ الذِّمِّيُّ بِاخْتِيَارِ الْعَمَل الَّذِي يَرَاهُ مُنَاسِبًا لِلتَّكَسُّبِ، فَيَشْتَغِل بِالتِّجَارَةِ وَالصِّنَاعَةِ كَمَا يَشَاءُ، فَقَدْ صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ الذِّمِّيَّ فِي الْمُعَامَلاَتِ كَالْمُسْلِمِ، هَذَا هُوَ الأَْصْل، وَهُنَاكَ اسْتِثْنَاءَاتٌ فِي هَذَا الْمَجَال سَتَأْتِي فِي بَحْثِ مَا يُمْنَعُ مِنْهُ الذِّمِّيُّونَ.

أَمَّا الأَْشْغَال وَالْوَظَائِفُ الْعَامَّةُ، فَمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الإِْسْلاَمُ كَالْخِلاَفَةِ، وَالإِْمَارَةِ عَلَى الْجِهَادِ، وَالْوِزَارَةِ وَأَمْثَالِهَا، فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُعْهَدَ بِذَلِكَ إِلَى ذِمِّيٍّ، وَمَا لاَ يُشْتَرَطُ فِيهِ الإِْسْلاَمُ كَتَعْلِيمِ الصِّغَارِ الْكِتَابَةَ، وَتَنْفِيذِ مَا يَأْمُرُ بِهِ الإِْمَامُ أَوِ الأَْمِيرُ، يَجُوزُ أَنْ يُمَارِسَهُ الذِّمِّيُّونَ (١) . وَتَفْصِيل هَذِهِ الْوَظَائِفِ فِي مُصْطَلَحَاتِهَا. وَانْظُرْ كَذَلِكَ مُصْطَلَحَ: (اسْتِعَانَةٍ) .

الْمُعَامَلاَتُ الْمَالِيَّةُ لأَِهْل الذِّمَّةِ:

٢٧ - الْقَاعِدَةُ الْعَامَّةُ أَنَّ أَهْل الذِّمَّةِ فِي الْمُعَامَلاَتِ كَالْبُيُوعِ وَالإِْجَارَةِ وَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ كَالْمُسْلِمِينَ (إِلاَّ مَا اسْتُثْنِيَ مِنَ الْمُعَامَلَةِ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِمَا كَمَا سَيَأْتِي) . وَذَلِكَ لأَِنَّ الذِّمِّيَّ مُلْتَزِمٌ أَحْكَامَ الإِْسْلاَمِ فِيمَا يَرْجِعُ إِلَى الْمُعَامَلاَتِ الْمَالِيَّةِ، فَيَصِحُّ مِنْهُمُ الْبَيْعُ وَالإِْجَارَةُ وَالْمُضَارَبَةُ وَالْمُزَارَعَةُ وَنَحْوُهَا مِنَ الْعُقُودِ وَالتَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَصِحُّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلاَ تَصِحُّ مِنْهُمْ عُقُودُ الرِّبَا وَالْعُقُودُ الْفَاسِدَةُ وَالْمَحْظُورَةُ الَّتِي لاَ تَصِحُّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ.

قَال الْجَصَّاصُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّ الذِّمِّيِّينَ فِي

_________

(١) ابن عابدين ٣ / ٢٧٦، وجواهر الإكليل ٢ / ٢٥٤، والأحكام السلطانية للماوردي ص ٢١ - ٢٥، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص ١٣ - ١٥.