الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٧

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٧ - تراجم الفقهاء - أهل الذمة - ما يكون به غير المسلم ذميا - أولا - عقد الذمة - من يتولى إبرام العقد

مَعَ احْتِمَال دُخُولِهِ الإِْسْلاَمَ عَنْ طَرِيقِ مُخَالَطَتِهِ بِالْمُسْلِمِينَ، وَوُقُوفِهِ عَلَى مَحَاسِنِ الدِّينِ. فَكَانَ عَقْدُ الذِّمَّةِ لِلدَّعْوَةِ إِلَى الإِْسْلاَمِ، لاَ لِلرَّغْبَةِ أَوِ الطَّمَعِ فِيمَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ مِنَ الْجِزْيَةِ (١) .

وَيَنْعَقِدُ هَذَا الْعَقْدُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ بِاللَّفْظِ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ، وَلاَ تُشْتَرَطُ كِتَابَتُهُ كَمَا هُوَ الشَّأْنُ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ، وَمَعَ هَذَا فَكِتَابَةُ الْعَقْدِ أَمْرٌ مُسْتَحْسَنٌ لأَِجْل الإِْثْبَاتِ، وَدَفْعًا لِمَضَرَّةِ الإِْنْكَارِ وَالْجُحُودِ (٢) .

مَنْ يَتَوَلَّى إِبْرَامَ الْعَقْدِ:

٧ - جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ عَلَى أَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ مَعَ غَيْرِ الْمُسْلِمِ يَتَوَلَّى إِبْرَامَهُ الإِْمَامُ أَوْ نَائِبُهُ، فَلاَ يَصِحُّ مِنْ غَيْرِهِمَا؛ لأَِنَّ ذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِنَظَرِ الإِْمَامِ وَمَا يَرَاهُ مِنَ الْمَصْلَحَةِ؛ وَلأَِنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ عَقْدٌ مُؤَبَّدٌ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُفْتَاتَ بِهِ عَلَى الإِْمَامِ (٣) .

وَأَجَازَ ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ لِكُل مُسْلِمٍ؛ لأَِنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ خَلَفٌ عَنِ الإِْسْلاَمِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الدَّعْوَةِ إِلَيْهِ؛ وَلأَِنَّهُ مُقَابِل الْجِزْيَةِ، فَتَتَحَقَّقُ فِيهِ الْمَصْلَحَةُ؛ وَلأَِنَّهُ مَفْرُوضٌ عِنْدَ طَلَبِهِمْ لَهُ، وَفِي انْعِقَادِهِ إِسْقَاطُ الْفَرْضِ عَنِ الإِْمَامِ وَعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، فَيَجُوزُ لِكُل مُسْلِمٍ (٤) .

_________

(١) البدائع ٧ / ١١١، وابن عابدين ٣ / ٢٧٥، وكشاف القناع ٣ / ١١٦، والخرشي ٣ / ١٤٣، والحطاب ٣ / ٢٨١، ومغني المحتاج ٤ / ٢٤٢.

(٢) مغني المحتاج ٤ / ٢٤٣، والمغني ٨ / ٥٣٤، وتاريخ الطبري ٥ / ٢٢٨، والأموال لأبي عبيد ٨٧، والمهذب ٢ / ٢٥٤، والأحكام السلطانية للماوردي ١٤٥، والبدائع ٧ / ١١٠.

(٣) الخرشي ٣ / ١٤٣، والقليوبي ٤ / ٢٢٨، ومغني المحتاج ٤ / ٢٤٣، والمغني لابن قدامة ٨ / ٥٠٥، وكشاف القناع ٣ / ١١٦.

(٤) فتح القدير والعناية على الهداية ٥ / ٢١٣، ٢١٤.