الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٧ -
وَصَدَّقْتُ مُحَمَّدًا ﷺ وَآمَنْتُ بِهِ، وَايْمُ اللَّهِ الَّذِي نَفْسُ ثُمَامَةَ بِيَدِهِ، لاَ تَأْتِيكُمْ حَبَّةٌ مِنَ الْيَمَامَةِ - وَكَانَتْ رِيفَ مَكَّةَ - حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا مُحَمَّدٌ ﷺ وَانْصَرَفَ إِلَى بَلَدِهِ، وَمَنَعَ الْحَمْل إِلَى مَكَّةَ، حَتَّى جَهِدَتْ قُرَيْشٌ، فَكَتَبُوا إِلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ يَسْأَلُونَهُ بِأَرْحَامِهِمْ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى ثُمَامَةَ، يَحْمِل إِلَيْهِمُ الطَّعَامَ، فَفَعَل رَسُول اللَّهِ ﷺ " (١) . فَهَذَا يَدُل عَلَى جَوَازِ تَصْدِيرِ الأَْطْعِمَةِ وَنَحْوِهَا إِلَى الأَْعْدَاءِ، حَتَّى وَلَوْ كَانَتْ حَالَةُ الْحَرْبِ قَائِمَةً مَعَهُمْ.
وَمِنَ الأَْدِلَّةِ أَيْضًا الأَْحَادِيثُ السَّابِقَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي بَحْثِ الصَّدَقَةِ عَلَى أَهْل الْحَرْبِ وَالْوَصِيَّةِ لَهُمْ (قِصَّةُ إِهْدَاءِ التَّمْرِ لأَِبِي سُفْيَانَ، وَصِلَةُ أَسْمَاءَ أُمَّهَا الْمُشْرِكَةَ، وَإِطْعَامُ الْمُسْلِمِينَ الأَْسْرَى) .
أَمَّا الدَّلِيل عَلَى حَظْرِ تَصْدِيرِ الأَْسْلِحَةِ وَنَحْوِهَا، فَمِنْهُ:
حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ﵁: أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْ بَيْعِ السِّلاَحِ فِي الْفِتْنَةِ (٢)، وَالْفِتْنَةُ: الْحُرُوبُ الدَّاخِلِيَّةُ، وَفِتْنَةُ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ أَشَدُّ عَلَيْهِمْ، فَكَانَ أَوْلَى أَلاَّ يُبَاعَ لَهُمْ.
وَقَال الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: لاَ يَحِل لِمُسْلِمٍ أَنْ يَحْمِل إِلَى عَدُوِّ الْمُسْلِمِينَ سِلاَحًا يُقَوِّيهِمْ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلاَ كُرَاعًا، وَلاَ مَا يُسْتَعَانُ بِهِ عَلَى السِّلاَحِ وَالْكُرَاعِ (٣) .
_________
(١) حديث ثمامة بن آثال الحنفي، أخرج القصة بهذا المعنى البخاري (فتح الباري ٨ / ٨٧ ط السلفية)، ومسلم (٣ / ١٣٨٦، ١٣٨٧ ط الحلبي) والبيهقي (٦ / ٣١٩) .
(٢) حديث عمران بن حصين ﵁. قال البيهقي عنه: الصواب أنه موقوف (نصب الراية ٣ / ٣٩١) .
(٣) الخراج لأبي يوسف ص ١٩٠.