الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٧ -
الإِْمَامُ بَعْدَ بُلُوغِهِ مَأْمَنَهُ (١) وُجُوبًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَجَوَازًا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.
وَلاَ خِلاَفَ فِي مُحَارَبَتِهِ إِذَا حَارَبَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَعَانَ أَهْل الْحَرْبِ، وَلِلإِْمَامِ أَنْ يُبْدِئَهُ بِالْحَرْبِ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ﴾ (٢)، وَحِينَمَا نَقَضَتْ قُرَيْشٌ صُلْحَ الْحُدَيْبِيَةِ، سَارَ إِلَيْهِمُ الرَّسُول ﷺ عَامَ الْفَتْحِ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، حَتَّى فَتَحَ مَكَّةَ. وَعِنْدَمَا نَقَضَ بَنُو قُرَيْظَةَ الْعَهْدَ سَنَةَ خَمْسٍ، قَتَل النَّبِيُّ ﷺ رِجَالَهُمْ، وَسَبَى ذَرَارِيِّهِمْ، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ، وَكَذَلِكَ بَنُو النَّضِيرِ لَمَّا نَقَضُوا الْعَهْدَ، حَاصَرَهُمُ الرَّسُول ﷺ سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَأَجَلاَهُمْ. (٣)
وَهُنَاكَ اتِّجَاهَانِ فِي أَسْبَابِ نَقْضِ الذِّمَّةِ (٤):
الأَْوَّل، مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ: وَهُوَ أَنَّهُ لاَ يُنْتَقَضُ عَهْدُ الذِّمِّيِّينَ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ مَنَعَةٌ يُحَارِبُونَ بِهَا الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ يَلْحَقُونَ بِدَارِ الْحَرْبِ، أَوْ يَغْلِبُونَ عَلَى مَوْضِعٍ، فَيُحَارِبُونَنَا.
_________
(١) إبلاغ المأمن: هو الإبعاد من دار الإسلام. والمأمن: كل مكان يأمن فيه الشخص على نفسه وماله. وإبلاغ المأمن نوع من الوفاء بالعهد.
(٢) التوبة / ١٢.
(٣) انظر هذه الحوادث في سيرة ابن هشام ٢ / ١٩٠ - ١٩٢، ٢٣٣ - ٢٤٠، ٣٨٧ - ٤٠٦.
(٤) فتح القدير ٤ / ٣٨١ وما بعدها، ومجمع الأنهر ١ / ٥١٩، والمدونة ٣ / ٢١، والشرح الكبير مع الدسوقي ٢ / ١٨٨ وما بعدها، والخرشي ٣ / ١٤٩، والفروق ٣ / ١٣، والأم ٤ / ١٠٩، ط الأميرية، ومغني المحتاج ٤ / ٢٥٨، والمهذب ٢ / ٢٥٧، والمغني ٨ / ٥٢٥، ومطالب أولي النهى ٢ / ٦٢١ - ٦٢٣، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص ١٤٥، المحرر في الفقه الحنبلي ٢ / ١٨٧.