الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٧ -
عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ. رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ قَال: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَسْتَأْمِرُ بَنَاتِهِ إِذَا أَنْكَحَهُنَّ (١) . وَاسْتِئْذَانُهَا وَاجِبٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. بَل إِنَّهَا يَجُوزُ لَهَا تَزْوِيجُ نَفْسِهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. جَاءَ فِي الاِخْتِيَارِ: عِبَارَةُ النِّسَاءِ مُعْتَبَرَةٌ فِي النِّكَاحِ، حَتَّى لَوْ زَوَّجَتِ الْحُرَّةُ الْعَاقِلَةُ الْبَالِغَةُ نَفْسَهَا جَازَ، وَكَذَلِكَ لَوْ زَوَّجَتْ غَيْرَهَا بِالْوِلاَيَةِ أَوِ الْوَكَالَةِ، وَكَذَا إِذَا وَكَّلَتْ غَيْرَهَا فِي تَزْوِيجِهَا، أَوْ زَوَّجَهَا غَيْرُهَا فَأَجَازَتْ، وَهَذَا قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ وَالْحَسَنِ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَيَسْتَدِلُّونَ بِمَا فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ خَنْسَاءَ بِنْتَ حِزَامٍ أَنْكَحَهَا أَبُوهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ، فَرَدَّهُ النَّبِيُّ ﷺ (٢) وَرُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً زَوَّجَتْ بِنْتَهَا بِرِضَاهَا فَجَاءَ الأَْوْلِيَاءُ وَخَاصَمُوهَا إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَأَجَازَ النِّكَاحَ. هَذَا دَلِيل الاِنْعِقَادِ بِعِبَارَةِ النِّسَاءِ، وَأَنَّهُ أَجَازَ النِّكَاحَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ؛ لأَِنَّهُمْ كَانُوا غَائِبِينَ؛ لأَِنَّهَا تَصَرَّفَتْ فِي خَالِصِ حَقِّهَا، وَلاَ ضَرَرَ فِيهِ لِغَيْرِهَا فَيَنْفُذُ، كَتَصَرُّفِهَا فِي مَالِهَا. (٣)
هَذَا مَا انْفَرَدَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ، وَتَفْصِيل الْخِلاَفِ فِي هَذَا يَنْظُرُ فِي (نِكَاحٌ) .
وَلِلْمَرْأَةِ أَيْضًا مُشَارَكَةُ زَوْجِهَا الرَّأْيَ بَل وَمُعَارَضَتُهُ، قَال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: وَاللَّهِ إِنْ كُنَّا فِي
_________
(١) حديث: " كان النبي ﷺ يستأمر. . . " أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٤ / ١٣٦) وورد عند البيهقي من حديث أبي هريرة ﵁ متصلا ورجح البيهقي كونه مرسلا من حديث المهاجر بن عكرمة المخزومي (٧ / ١٢٣ ط دائرة المعارف العثمانية) .
(٢) حديث: " خنساء بنت حزام. . . . " أخرجه البخاري (الفتح ٩ / ١٩٤ - ط السلفية) .
(٣) المغني لابن قدامة ٦ / ٤٨٨ - ٤٩١، والاختيار ٣ / ٩٠، ٩١، والهداية ١ / ١٩٦، وجواهر الإكليل ١ / ٢٧٨، والمهذب ٢ / ٣٨.