الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٧

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٧ - تراجم الفقهاء - إنكار - أولا الإنكار بمعنى الجحد - الضمان بعد إنكار الحق

قَالُوا: لاَ يَقُول لَهُ: " ارْجِعْ عَنْ إِقْرَارِكَ " وَأَجَازَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، فَقَالُوا: لاَ بَأْسَ بِتَلْقِينِهِ الرُّجُوعَ.

وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْهُ جَوَازُ التَّصْرِيحِ. وَيُؤَيِّدُهُ احْتِجَاجُ صَاحِبِ الْمُغْنِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ بِمَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ أُتِيَ بِجَارِيَةٍ سَوْدَاءَ قَدْ سَرَقَتْ، فَقَال لَهَا: (أَسَرَقْتِ؟ قُولِي: لاَ) فَقَالَتْ: لاَ. فَخَلَّى سَبِيلَهَا (١) .

الضَّمَانُ بَعْدَ إِنْكَارِ الْحَقِّ:

٢٠ - إِذَا أَنْكَرَ الْمُودَعُ الْوَدِيعَةَ بَعْدَ طَلَبِ رَبِّهَا لَهَا، دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ، فَإِنْ تَلِفَتْ بَعْدَ إِنْكَارِهِ، كَأَنْ كَانَتْ دَابَّةً فَمَاتَتْ، أَوْ دَارًا فَانْهَدَمَتْ، يَتَقَرَّرُ عَلَيْهِ ضَمَانُهَا، وَيَضْمَنُهَا بِقِيمَتِهَا؛ لأَِنَّهُ بِإِنْكَارِهِ لَهَا يَكُونُ غَاصِبًا؛ وَلأَِنَّ الْعَقْدَ يَنْفَسِخُ بِطَلَبِ الْمَالِكِ الْوَدِيعَةَ وَإِنْكَارِ الْمُودِعِ لَهَا؛ لأَِنَّهُ بِإِنْكَارِهِ عَزَل نَفْسَهُ عَنِ الْحِفْظِ الَّذِي هُوَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ، فَيَبْقَى مَال الْغَيْرِ بِيَدِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَيَكُونُ مَضْمُونًا، فَإِذَا هَلَكَ ضَمِنَهُ.

وَلَوْ أَنَّ الْمُودِعَ عَادَ بَعْدَ إِنْكَارِهِ، فَأَقَرَّ الْوَدِيعَةَ، لَمْ يَزُل عَنْهُ الضَّمَانُ.

وَقَال بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: لاَ يَضْمَنُ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ بِالإِْنْكَارِ، إِلاَّ إِنْ نَقَلَهَا مِنْ مَكَانِهَا الَّذِي كَانَتْ فِيهِ وَقْتَ الإِْنْكَارِ، إِنْ كَانَتْ مِمَّا يُنْقَل، وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ بَعْدَ الْجُحُودِ، فَهَلَكَتْ، لاَ يَضْمَنُ.

أَمَّا إِنْ رَدَّ الْوَدِيعَةَ إِلَى صَاحِبِهَا بَعْدَ الإِْنْكَارِ وَقَبْل

_________

(١) حديث أبي الدرداء: " أتي بجارية سوداء قد سرقت. . . " أخرجه البيهقي في سننه (٨ / ٢٧٦ - ط دائرة المعارف العثمانية) وإسناده حسن وانظر حاشية الدسوقي القليوبي ٤ / ١٩٦، وتبصرة الحكام ٢ / ٢٥٩، والمغني ٨ / ٢١٢.