الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٧ -
١٤ - الثَّانِي: الْعُقُودُ الْمُسْتَمِرَّةُ: وَهِيَ الَّتِي يَسْتَغْرِقُ تَنْفِيذُهَا مُدَّةً مِنَ الزَّمَنِ وَتَمْتَدُّ بِامْتِدَادِ الزَّمَنِ حَسَبَ الشُّرُوطِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ وَالَّتِي تَقْتَضِيهَا طَبِيعَةُ هَذِهِ الْعُقُودِ، كَالإِْجَارَةِ وَالإِْعَارَةِ وَالْوَكَالَةِ وَأَمْثَالِهَا.
وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الْعُقُودِ يَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ قَبْل الْقَبْضِ أَمْ بَعْدَهُ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي الْجُمْلَةِ.
فَعَقْدُ الإِْجَارَةِ مَثَلًا يَنْفَسِخُ بِهَلاَكِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ. فَإِنْ تَلِفَتْ قَبْل الْقَبْضِ أَوْ عَقِيبَ الْقَبْضِ قَبْل مُضِيِّ مُدَّةٍ يَتَمَكَّنُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِهَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ مِنْ أَصْلِهِ وَيَسْقُطُ الأَْجْرُ. وَإِنْ تَلِفَتِ الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ بَعْدَ مُضِيِّ شَيْءٍ مِنَ الْمُدَّةِ فَإِنَّ الإِْجَارَةَ تَنْفَسِخُ فِيمَا بَقِيَ مِنَ الْمُدَّةِ، دُونَ مَا مَضَى، وَيَكُونُ لِلْمُؤَجِّرِ مِنَ الأَْجْرِ بِقَدْرِ مَا اسْتَوْفَى مِنَ الْمَنْفَعَةِ أَوْ بِقَدْرِ مَا مَضَى مِنَ الْمُدَّةِ. (١)
وَفِي إِجَارَةِ الدَّوَابِّ صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ: أَنَّهُ إِذَا وَقَعَتِ الإِْجَارَةُ عَلَى دَوَابَّ بِعَيْنِهَا لِحَمْل الْمَتَاعِ، فَمَاتَتِ انْفَسَخَتِ الإِْجَارَةُ، بِخِلاَفِ مَا إِذَا وَقَعَتْ عَلَى دَوَابَّ لاَ بِعَيْنِهَا وَسَلَّمَ الأَْجْرَ إِلَيْهِ فَمَاتَتْ لاَ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ، وَعَلَى الْمُؤَجِّرِ أَنْ يَأْتِيَ بِغَيْرِ ذَلِكَ لِلْمُسْتَأْجِرِ. (٢)
وَكَذَلِكَ إِذَا وَقَعَ عَلَى الْعَيْنِ مَا يَمْنَعُ نَفْعَهَا بِالْكُلِّيَّةِ، كَمَا لَوْ أَصْبَحَتِ الدَّارُ الْمُسْتَأْجَرَةُ غَيْرَ صَالِحَةٍ لِلسُّكْنَى عِنْدَ الْجُمْهُورِ (الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَهُوَ
_________
(١) المغني ٥ / ٤٥٣، والحطاب ٤ / ٤٣٢، والفتاوى الهندية ٤ / ٤٦١، والقليوبي ٣ / ٨٤، والوجيز للغزالي ١ / ٢٣٦.
(٢) الفتاوى الهندية ٤ / ٤٦١، والوجيز ١ / ٢٣٦، والشرح الصغير للدردير ٤ / ٤٩.