الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦ - تراجم الفقهاء - انتفاع - أسباب الانتفاع - ثانيا الاضطرار - ترتيب الانتفاع بالمحرم
وَيُبِيحُ الشَّافِعِيُّ لِلْمُضْطَرِّ أَنْ يَقْطَعَ مِنْ جِسْمِهِ فِلْذَةً لِيَأْكُلَهَا فِي حَالَةِ الضَّرُورَةِ إِنْ كَانَ الْخَوْفُ فِي قَطْعِهَا أَقَل مِنْهُ فِي تَرْكِهَا. (١) وَخَالَفَهُ فِي ذَلِكَ بَقِيَّةُ الْفُقَهَاءِ.
د - تَرْتِيبُ الاِنْتِفَاعِ بِالْمُحَرَّمِ:
١٩ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ) إِلَى أَنَّهُ إِذَا وُجِدَتْ مَيْتَةٌ، أَوْ مَا صَادَهُ مُحْرِمٌ، أَوْ مَا صِيدَ فِي الْحَرَمِ، وَطَعَامُ شَخْصٍ غَائِبٍ - فَلاَ يَجُوزُ الاِنْتِفَاعُ بِمَال الْغَيْرِ؛ لأَِنَّ أَكْل الْمَيْتَةِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ وَأَكْل مَال الآْدَمِيِّ مُجْتَهَدٌ فِيهِ، وَالْعُدُول إِلَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ أَوْلَى. وَلأَِنَّ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَالْمُسَاهَلَةِ، وَحُقُوقُ الآْدَمِيِّ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الشُّحِّ وَالتَّضْيِيقِ.
وَقَال مَالِكٌ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ: يُقَدَّمُ مَال الْغَيْرِ عَلَى الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا سَبَقَ إِنْ أَمِنَ أَنْ يُعَدَّ سَارِقًا، لأَِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الطَّعَامِ الْحَلاَل، فَلَمْ يَجُزْ لَهُ أَكْل الْمَيْتَةِ، كَمَا لَوْ بَذَلَهُ لَهُ صَاحِبُهُ.
أَمَّا التَّرْتِيبُ فِي الاِنْتِفَاعِ بَيْنَ الْمَيْتَةِ وَصَيْدِ الْحَرَمِ أَوِ الْمُحْرِمِ، فَقَدْ قَال أَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: تُقَدَّمُ الْمَيْتَةُ؛ لأَِنَّ إِبَاحَتَهَا مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: صَيْدُ الْمُحْرِمِ لِلْمُضْطَرِّ أَوْلَى مِنَ الْمَيْتَةِ. (٢)
هَذَا بِالنِّسْبَةِ لأَِكْل لَحْمِ الْمَيْتَةِ حَال الاِضْطِرَارِ
_________
(١) ابن عابدين ٥ / ٢٩٦، وأسنى المطالب ١ / ٥٧١، ومواهب الجليل ٣ / ٢٣٣، والمغني ١١ / ٧٩.
(٢) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص ٣٦، والتاج والإكليل ٣ / ٢٣٤، وأسنى المطالب ١ / ٥٧٣، والمغني ١١ / ٧٨، ٣ / ٢٩٣.