الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦ - تراجم الفقهاء - انتفاع - أسباب الانتفاع - أولا الإباحة - الإباحة الشرعية

وَيُعَرِّفُهَا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّهَا: الإِْطْلاَقُ فِي مُقَابَلَةِ الْحَظْرِ الَّذِي هُوَ الْمَنْعُ (١) . وَهِيَ بِهَذَا الْمَعْنَى تَشْمَل:

أ - الإِْبَاحَةَ الأَْصْلِيَّةَ:

وَهِيَ الَّتِي لَمْ يَرِدْ فِيهَا نَصٌّ خَاصٌّ مِنَ الشَّرْعِ، لَكِنْ وَرَدَ بِصِفَةٍ عَامَّةٍ أَنَّهُ يُبَاحُ الاِنْتِفَاعُ بِنَاءً عَلَى الإِْبَاحَةِ الأَْصْلِيَّةِ، حِينَمَا تَكُونُ الأَْعْيَانُ وَالْحُقُوقُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِهَا مُخَصِّصَةً لِمَنْفَعَةِ الْكَافَّةِ، وَلاَ يَمْلِكُهَا وَاحِدٌ مِنَ النَّاسِ، كَالأَْنْهُرِ الْعَامَّةِ، وَالْهَوَاءِ، وَالطُّرُقِ غَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ.

فَالاِنْتِفَاعُ مِنَ الأَْنْهُرِ الْعَامَّةِ مُبَاحٌ لاَ لِحَقِّ الشَّفَةِ (شُرْبُ الإِْنْسَانِ وَالْحَيَوَانِ) فَحَسْبُ، بَل لِسَقْيِ الأَْرَاضِي أَيْضًا كَمَا يَقُول ابْنُ عَابِدِينَ: لِكُلٍّ أَنْ يَسْقِيَ أَرْضَهُ مِنْ بَحْرٍ أَوْ نَهْرٍ عَظِيمٍ كَدِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ إِنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْعَامَّةِ (٢) .

وَكَذَلِكَ الاِنْتِفَاعُ بِالْمُرُورِ فِي الشَّوَارِعِ وَالطُّرُقِ غَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ ثَابِتٌ لِلنَّاسِ جَمِيعًا بِالإِْبَاحَةِ الأَْصْلِيَّةِ، وَيَجُوزُ الْجُلُوسُ فِيهَا لِلاِسْتِرَاحَةِ وَالتَّعَامُل وَنَحْوِهِمَا، إِذَا لَمْ يُضَيِّقْ عَلَى الْمَارَّةِ وَلَهُ تَظْلِيل مَجْلِسِهِ بِمَا لاَ يَضُرُّ الْمَارَّةَ عُرْفًا (٣) .

وَمِثْلُهُ الاِنْتِفَاعُ بِشَمْسٍ وَقَمَرٍ وَهَوَاءٍ إِذَا لَمْ يَضُرَّ بِأَحَدٍ لأَِنَّ هَوَاءَ الطَّرِيقِ كَأَصْل الطَّرِيقِ حَقُّ الْمَارَّةِ جَمِيعًا. وَالنَّاسُ فِي الْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ شُرَكَاءُ. (٤)

ب - الإِْبَاحَةُ الشَّرْعِيَّةُ.

١١ - الإِْبَاحَةُ الشَّرْعِيَّةُ: هِيَ الَّتِي وَرَدَ فِيهَا نَصٌّ خَاصٌّ يَدُل عَلَى حِل الاِنْتِفَاعِ بِهَا، وَذَلِكَ إِمَّا أَنْ

_________

(١) فتح القدير ٨ / ٧٩.

(٢) ابن عابدين ٥ / ٢٨٤.

(٣) نهاية المحتاج ٥ / ٣٣٩.

(٤) ابن عابدين ٥ / ٢٨٢، والمبسوط للسرخسي ٢٧ / ٩، ونهاية المحتاج ٥ / ٣٣٩، والوجيز للغزالي ١ / ١٧٥.