الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦ -
كَالإِْجَارَةِ وَبِغَيْرِ عِوَضٍ كَالْعَارِيَّةِ.
مِثَال الأَْوَّل: سُكْنَى الْمَدَارِسِ، وَالرِّبَاطَاتِ وَالْمَجَالِسِ، فِي الْجَوَامِعِ، وَالْمَسَاجِدِ، وَالأَْسْوَاقِ، وَمَوَاضِعِ النُّسُكِ، كَالْمَطَافِ وَالْمَسْعَى وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ. وَلَوْ حَاوَل أَنْ يُؤَاجِرَ بَيْتَ الْمَدْرَسَةِ أَوْ يُسْكِنَ غَيْرَهُ أَوْ يُعَاوِضَ عَلَيْهِ بِطَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ الْمُعَاوَضَاتِ امْتَنَعَ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ النَّظَائِرِ الْمَذْكُورَةِ مَعَهُ.
وَأَمَّا مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ، فَكَمَنِ اسْتَأْجَرَ دَارًا أَوِ اسْتَعَارَهَا، فَلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهَا مِنْ غَيْرِهِ أَوْ يَسْكُنَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَيَتَصَرَّفَ فِي هَذِهِ الْمَنْفَعَةِ تَصَرُّفَ الْمُلاَّكِ فِي أَمْلاَكِهِمْ عَلَى جَرْيِ الْعَادَةِ، عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي مَلَكَهُ (١)
وَمِثْلُهُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ نُجَيْمٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ، وَلَهُ حَقُّ الإِْعَارَةِ، وَالْمُسْتَأْجِرُ يُمْكِنُهُ الإِْعَارَةُ وَالإِْجَارَةُ لِلْغَيْرِ فِيمَا لاَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ الْمُسْتَعْمِلِينَ. وَيَمْلِكُ الْمُسْتَعِيرُ وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ السُّكْنَى الْمَنْفَعَةَ، فَيُمْكِنُ لَهُمَا نَقْل الْمَنْفَعَةِ إِلَى الْغَيْرِ بِدُونِ عِوَضٍ، لَكِنَّ الْحَنَفِيَّةَ وَالشَّافِعِيَّةَ وَالْحَنَابِلَةَ لاَ يُجِيزُونَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُؤَجِّرَ الْمُسْتَعَارَ لِلْغَيْرِ، خِلاَفًا لِلْمَالِكِيَّةِ (٢)
٤ - وَمِلْكُ الْمَنْفَعَةِ قَدْ يَكُونُ حَقًّا شَخْصِيًّا غَيْرَ تَابِعٍ لِلْعَيْنِ الْمَمْلُوكَةِ، كَمَا هُوَ ثَابِتٌ لِلْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ فِي الإِْعَارَةِ وَالإِْجَارَةِ، وَقَدْ يَكُونُ حَقًّا عَيْنِيًّا تَابِعًا لِلْعَيْنِ الْمَمْلُوكَةِ مُنْتَقِلًا مِنْ مَالِكٍ إِلَى مَالِكٍ بِالتَّبَعِ ضِمْنَ انْتِقَال الْمِلْكِيَّةِ، وَلاَ يَكُونُ إِلاَّ فِي الْعَقَارِ، وَهَذَا
_________
(١) الفروق للقرافي ١ / ١٨٧.
(٢) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص١٤٣، وكشاف القناع ٤ / ٥٧ ط ثالثة، ونهاية المحتاج ٥ / ١١٨، والدسوقي ٣ / ٤٣٣.