الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦ -
أَبِي يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَصَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ - لاَ يُصَلَّى عَلَى قَاتِل نَفْسِهِ بِحَالٍ، لِمَا رَوَى جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ: أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ ﷺ رَجُلٌ قَتَل نَفْسَهُ بِمَشَاقِصَ فَلَمْ يُصَل عَلَيْهِ (١) وَلِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ أَنَّ رَجُلًا انْطَلَقَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَأَخْبَرَهُ عَنْ رَجُلٍ قَدْ مَاتَ قَال: وَمَا يُدْرِيكَ؟ قَال: رَأَيْتُهُ يَنْحَرُ نَفْسَهُ، قَال: أَنْتَ رَأَيْتَهُ؟ قَال: نَعَمْ. قَال. إِذَنْ لاَ أُصَلِّي عَلَيْهِ (٢) .
وَعَلَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُنْتَحِرَ لاَ تَوْبَةَ لَهُ فَلاَ يُصَلَّى عَلَيْهِ (٣)
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لاَ يُصَلِّي الإِْمَامُ عَلَى مَنْ قَتَل نَفْسَهُ عَمْدًا، وَيُصَلِّي عَلَيْهِ سَائِرُ النَّاسِ. أَمَّا عَدَمُ صَلاَةِ الإِْمَامِ عَلَى الْمُنْتَحِرِ فَلِحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ السَّابِقِ ذِكْرُهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يُصَل عَلَى قَاتِل نَفْسِهِ، وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ هُوَ الإِْمَامَ، فَأُلْحِقَ بِهِ غَيْرُهُ مِنَ الأَْئِمَّةِ (٤)
وَأَمَّا صَلاَةُ سَائِرِ النَّاسِ عَلَيْهِ، فَلِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ حِينَ امْتَنَعَ عَنِ الصَّلاَةِ عَلَى قَاتِل نَفْسِهِ لَمْ يَنْهَ عَنِ الصَّلاَةِ عَلَيْهِ. وَلاَ يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ صَلاَةِ النَّبِيِّ ﷺ تَرْكُ صَلاَةِ غَيْرِهِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ فِي بَدْءِ الإِْسْلاَمِ لاَ يُصَلِّي عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لاَ
_________
(١) حديث جابر بن سمرة: " أتي النبي ﷺ برجل قتل نفسه. . . . " أخرجه مسلم (٢ / ٦٧٢ - ط الحلبي) .
(٢) حديث: " إذن لا أصلي عليه " أخرجه أبو داود (٣ / ٥٢٦ - ط عزت عبيد دعاس) وإسناده صحيح، وأخرجه مسلم مختصرا كما تقدم.
(٣) المغني ٢ / ٤١٨، وابن عابدين ١ / ٥٨٤.
(٤) المغني ٢ / ٤١٨.