الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦ - تراجم الفقهاء - انتحار - الآثار المترتبة على الانتحار - ثالثا غسل المنتحر
وَنَفْسِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً. (١)
هَكَذَا عَمَّمُوا فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ، وَتَخْرُجُ مِنْ تَرِكَةِ الْمُنْتَحِرِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَنْ قَتَل مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ﴾ (٢) وَلأَِنَّهُ آدَمِيٌّ مَقْتُولٌ خَطَأً، فَوَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ عَلَى قَاتِلِهِ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ. (٣)
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: لاَ كَفَّارَةَ عَلَى قَاتِل نَفْسِهِ خَطَأً أَوْ عَمْدًا. وَهَذَا هُوَ قَوْل الْحَنَابِلَةِ فِي الْعَمْدِ، لِسُقُوطِ صَلاَحِيَّتِهِ لِلْخِطَابِ بِمَوْتِهِ، كَمَا تَسْقُطُ دِيَتُهُ عَنِ الْعَاقِلَةِ لِوَرَثَتِهِ. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: هَذَا أَقْرَبُ إِلَى الصَّوَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَإِنَّ عَامِرَ بْنَ الأَْكْوَعِ قَتَل نَفْسَهُ خَطَأً وَلَمْ يَأْمُرِ النَّبِيُّ ﷺ فِيهِ بِكَفَّارَةٍ. وقَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَنْ قَتَل مُؤْمِنًا خَطَأً﴾ إِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ إِذَا قَتَل غَيْرَهُ، بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى: ﴿وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ﴾ وَقَاتِل نَفْسِهِ لاَ تَجِبُ فِيهِ دِيَةٌ. كَذَلِكَ رَدَّ الْمَالِكِيَّةُ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ بِدَلِيل أَنَّ قَوْله تَعَالَى: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ﴾ (٤) مُخْرِجٌ قَاتِل نَفْسِهِ، لاِمْتِنَاعِ تَصَوُّرِ هَذَا الْجُزْءِ مِنَ الْكَفَّارَةِ، وَإِذَا بَطَل الْجُزْءُ بَطَل الْكُل. (٥)
ثَالِثًا: غُسْل الْمُنْتَحِرِ:
٢٨ - مَنْ قَتَل نَفْسَهُ خَطَأً، كَأَنْ صَوَّبَ سَيْفَهُ إِلَى
_________
(١) أسنى المطالب ٤ / ٩٥، ونهاية المحتاج ٧ / ٣٦٦، والمغني ٥ / ٣٩.
(٢) سورة النساء / ٩٢.
(٣) أسنى المطالب ٤ / ٩٥، ونهاية المحتاج ٧ / ٣٦٦، والمغني ٥ / ٣٩.
(٤) سورة النساء / ٩٢.
(٥) المغني ١٠ / ٣٩، وجواهر الإكليل ٢ / ٧٢، ومواهب الجليل ٦ / ٢٦٨، وأيضا البدائع ٧ / ٢٥٢.