الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦ -

الإِْسْلاَمِ، وَصَاحِبُ الْكَبِيرَةِ - غَيْرَ الشِّرْكِ - لاَ يَخْرُجُ عَنِ الإِْسْلاَمِ عِنْدَ أَهْل السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَقَدْ صَحَّتِ الرِّوَايَاتُ أَنَّ الْعُصَاةَ مِنْ أَهْل التَّوْحِيدِ يُعَذَّبُونَ ثُمَّ يَخْرُجُونَ. (١) بَل قَدْ صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ فِي أَكْثَرَ مِنْ مَوْضِعٍ بِأَنَّ الْمُنْتَحِرَ لاَ يَخْرُجُ عَنِ الإِْسْلاَمِ، وَلِهَذَا قَالُوا بِغُسْلِهِ وَالصَّلاَةِ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَالْكَافِرُ لاَ يُصَلَّى عَلَيْهِ إِجْمَاعًا. ذُكِرَ فِي الْفَتَاوَى الْخَانِيَّةِ: الْمُسْلِمُ إِذَا قَتَل نَفْسَهُ فِي قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ يُغَسَّل وَيُصَلَّى عَلَيْهِ.

وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ قَاتِل نَفْسِهِ لاَ يَخْرُجُ عَنِ الإِْسْلاَمِ، كَمَا وَصَفَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَابْنُ عَابِدِينَ بِأَنَّهُ فَاسِقٌ كَسَائِرِ فُسَّاقِ الْمُسْلِمِينَ (٢) كَذَلِكَ نُصُوصُ الشَّافِعِيَّةِ تَدُل عَلَى عَدَمِ كُفْرِ الْمُنْتَحِرِ. (٣)

وَمَا جَاءَ فِي الأَْحَادِيثِ مِنْ خُلُودِ الْمُنْتَحِرِ فِي النَّارِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنِ اسْتَعْجَل الْمَوْتَ بِالاِنْتِحَارِ، وَاسْتَحَلَّهُ، فَإِنَّهُ بِاسْتِحْلاَلِهِ يَصِيرُ كَافِرًا؛ لأَِنَّ مُسْتَحِل الْكَبِيرَةِ كَافِرٌ عِنْدَ أَهْل السُّنَّةِ، وَالْكَافِرُ مُخَلَّدٌ فِي النَّارِ بِلاَ رَيْبٍ، وَقِيل: وَرَدَ مَوْرِدَ الزَّجْرِ وَالتَّغْلِيظِ، وَحَقِيقَتُهُ غَيْرُ مُرَادَةٍ.

وَيَقُول ابْنُ عَابِدِينَ فِي قَبُول تَوْبَتِهِ: الْقَوْل بِأَنَّهُ لاَ تَوْبَةَ لَهُ مُشْكِلٌ عَلَى قَوَاعِدِ أَهْل السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، لإِطْلاَقِ النُّصُوصِ فِي قَبُول تَوْبَةِ الْعَاصِي، بَل التَّوْبَةُ مِنَ الْكَافِرِ مَقْبُولَةٌ قَطْعًا، وَهُوَ أَعْظَمُ وِزْرًا. وَلَعَل الْمُرَادَ مَا إِذَا تَابَ حَالَةَ الْيَأْسِ، كَمَا إِذَا فَعَل بِنَفْسِهِ مَا لاَ يَعِيشُ مَعَهُ عَادَةً، كَجُرْحٍ مُزْهِقٍ فِي سَاعَتِهِ،

_________

(١) ابن عابدين ١ / ١٨٤.

(٢) الفتاوى الخانية بهامش الفتاوى الهندية ١ / ١٨٦، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي ١ / ٢٥٠، وابن عابدين ١ / ١٨٤.

(٣) نهاية المحتاج ٢ / ٤٣٢.