الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦ -

هَدَرٌ فِي الدَّارَيْنِ، وَفِعْل زَيْدٍ مُعْتَبَرٌ فِي الدَّارَيْنِ (١)، وَفِعْل نَفْسِهِ هَدَرٌ فِي الدُّنْيَا لاَ الْعُقْبَى، حَتَّى يَأْثَمَ بِالإِْجْمَاعِ (٢) .

٢٤ - وَتَعَرَّضَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى مَسْأَلَةٍ أُخْرَى لَهَا أَهَمِّيَّتُهَا فِي اشْتِرَاكِ الشَّخْصِ فِي قَتْل نَفْسِهِ، وَهِيَ مُدَاوَاةُ الْجُرْحِ بِالسُّمِّ الْمُهْلِكِ. فَإِنْ جَرَحَهُ إِنْسَانٌ فَتَدَاوَى بِسُمٍّ مُذَفَّفٍ يَقْتُل فِي الْحَال، فَقَدْ قَتَل نَفْسَهُ وَقَطَعَ سِرَايَةَ الْجُرْحِ، وَجَرَى مَجْرَى مَنْ ذَبَحَ نَفْسَهُ بَعْدَ أَنْ جُرِحَ، فَلاَ قِصَاصَ وَلاَ دِيَةَ عَلَى جَارِحِهِ فِي النَّفْسِ، وَيُنْظَرُ فِي الْجُرْحِ، فَإِنْ كَانَ مُوجِبًا لِلْقِصَاصِ فَلِوَلِيِّهِ اسْتِيفَاؤُهُ، وَإِلاَّ فَلِوَلِيِّهِ الأَْرْشُ وَإِنْ كَانَ السُّمُّ لاَ يَقْتُل فِي الْغَالِبِ، أَوْ لَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ، أَوْ قَدْ يَقْتُل بِفِعْل الرَّجُل فِي نَفْسِهِ، فَالْقَتْل شَبَهُ عَمْدٍ، وَالْحُكْمُ فِي شَرِيكِهِ كَالْحُكْمِ فِي شَرِيكِ الْمُخْطِئِ. وَإِذَا لَمْ يَجِبِ الْقِصَاصُ عَلَى الْجَارِحِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ.

وَإِنْ كَانَ السُّمُّ يَقْتُل غَالِبًا، وَعُلِمَ حَالُهُ، فَحُكْمُهُ كَشَرِيكِ جَارِحِ نَفْسِهِ، فَيَلْزَمُهُ الْقِصَاصُ، وَفِي الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ - أَوْ هُوَ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ فِي قَوْلٍ آخَرَ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ وَجْهٌ آخَرُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، فَلاَ قَوَدَ عَلَيْهِ، لأَِنَّهُ لَمْ يَقْصِدِ الْقَتْل، وَإِنَّمَا قَصَدَ التَّدَاوِيَ (٣)

أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَلاَ قِصَاصَ عِنْدَهُمْ عَلَى الْجَارِحِ بِحَالٍ، سَوَاءٌ أَكَانَ التَّدَاوِي بِالسُّمِّ عَمْدًا أَمْ كَانَ خَطَأً؛ لأَِنَّ الأَْصْل عِنْدَهُمْ أَنَّهُ لاَ يُقْتَل شَرِيكُ مَنْ لاَ

_________

(١) أي الدار الدنيا والدار الآخرة

(٢) ابن عابدين ٥ / ٣٥٠

(٣) المغني لابن قدامة ٩ / ٣٨١، ونهاية المحتاج ٧ / ٢٦٣