الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦ - تراجم الفقهاء - انتحار - الإكراه على الانتحار

قِصَاصٌ وَلاَ دِيَةٌ، وَلأَِنَّ الْعَفْوَ عَنِ الشَّجَّةِ يَكُونُ عَفْوًا عَنِ الْقَتْل، فَكَذَا الأَْمْرُ بِالشَّجَّةِ يَكُونُ أَمْرًا بِالْقَتْل. وَلأَِنَّ الأَْصَحَّ ثُبُوتُ الدِّيَةِ لِلْمُورِثِ ابْتِدَاءً، وَقَدْ أَسْقَطَهَا بِإِذْنِهِ (١) .

وَمَا تَقَدَّمَ عَنِ الْمَالِكِيَّةِ يُفِيدُ ثُبُوتَ الْقِصَاصِ فِي هَذِهِ الْحَال إِنْ لَمْ يَسْتَمِرَّ عَلَى الإِْبْرَاءِ.

أَمْرُ الإِْنْسَانِ غَيْرَهُ بِأَنْ يَقْتُل نَفْسَهُ:

١٨ - إِذَا أَمَرَ الإِْنْسَانُ غَيْرَهُ - أَمْرًا لَمْ يَصِل إِلَى دَرَجَةِ الإِْكْرَاهِ - بِقَتْل نَفْسِهِ فَقَتَل نَفْسَهُ، فَهُوَ مُنْتَحِرٌ عِنْدَ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ، وَلاَ شَيْءَ عَلَى الآْمِرِ؛ لأَِنَّ الْمَأْمُورَ قَتَل نَفْسَهُ بِاخْتِيَارِهِ، وَقَدْ قَال اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ (٢) وَمُجَرَّدُ الأَْمْرِ لاَ يُؤَثِّرُ فِي الاِخْتِيَارِ وَلاَ فِي الرِّضَا، مَا لَمْ يَصِل إِلَى دَرَجَةِ الإِْكْرَاهِ التَّامِّ الَّذِي سَيَأْتِي بَيَانُهُ.

الإِْكْرَاهُ عَلَى الاِنْتِحَارِ:

١٩ - الإِْكْرَاهُ هُوَ: حَمْل الْمُكْرَهِ عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ. وَهُوَ نَوْعَانِ: مُلْجِئٌ وَغَيْرُ مُلْجِئٍ.

فَالْمُلْجِئُ: هُوَ الإِْكْرَاهُ الْكَامِل، وَهُوَ أَنْ يُكْرَهَ بِمَا يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى تَلَفِ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ. وَهَذَا النَّوْعُ يُعْدِمُ الرِّضَا، وَيُوجِبُ الإِْلْجَاءَ، وَيُفْسِدُ الاِخْتِيَارَ (٣) .

وَغَيْرُ الْمُلْجِئِ: هُوَ أَنْ يُكْرِهَهُ بِمَا لاَ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ، وَلاَ يُوجِبُ الإِْلْجَاءَ وَلاَ يُفْسِدُ الاِخْتِيَارَ. وَالْمُرَادُ هُنَا الإِْكْرَاهُ الْمُلْجِئُ الَّذِي يُعْدِمُ الرِّضَا

_________

(١) نهاية المحتاج ٧ / ٢٩٦، والبدائع ٧ / ٢٣٧

(٢) سورة النساء / ٢٩

(٣) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق ٥ / ١٨١، والبدائع ٧ / ١٧٥، وأسنى المطالب ٣ / ٢٨٢، ومواهب الجليل ٤ / ٤٥، والمغني لابن قدامة ٨ / ٢٦٠