الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦ - تراجم الفقهاء - انتحار - أمر الشخص لغيره بقتله - الثاني

أَمْرُ الشَّخْصِ لِغَيْرِهِ بِقَتْلِهِ:

إِذَا قَال الرَّجُل لآِخَرَ: اقْتُلْنِي، أَوْ قَال لِلْقَائِل إِنْ قَتَلْتَنِي أَبْرَأْتُكَ، أَوْ قَدْ وَهَبْتُ لَكَ دَمِي، فَقَتَلَهُ عَمْدًا، اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:

الأَْوَّل:

١٣ - أَنَّ الْقَتْل فِي هَذِهِ الْحَال لاَ يُعْتَبَرُ انْتِحَارًا، لَكِنْ لاَ يَجِبُ بِهِ الْقِصَاصُ، وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَال الْقَاتِل.

هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ - مَا عَدَا زُفَرَ - وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ، وَرَوَاهُ سَحْنُونٌ عَنْ مَالِكٍ، وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ أَظْهَرُ الأَْقْوَال؛ لأَِنَّ الإِْبَاحَةَ لاَ تَجْرِي فِي النُّفُوسِ، وَإِنَّمَا سَقَطَ الْقِصَاصُ لِلشُّبْهَةِ بِاعْتِبَارِ الإِْذْنِ، وَالشُّبْهَةُ لاَ تَمْنَعُ وُجُوبَ الْمَال، فَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَال الْقَاتِل لأَِنَّهُ عَمْدٌ، وَالْعَاقِلَةُ لاَ تَحْمِل دِيَةَ الْعَمْدِ (١) .

وَفَصَّل الْحَنَفِيَّةُ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ فَقَالُوا: إِنْ قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ فَلاَ قِصَاصَ؛ لأَِنَّ الإِْبَاحَةَ لاَ تَجْرِي فِي النَّفْسِ، وَسَقَطَ الْقِصَاصُ لِشُبْهَةِ الإِْذْنِ، وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ، وَإِنْ قَتَلَهُ بِمُثْقَلٍ فَلاَ قِصَاصَ لَكِنَّهُ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ (٢)

الثَّانِي:

١٤ - أَنَّ الْقَتْل فِي هَذِهِ الْحَال قَتْل عَمْدٍ، وَلاَ يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ أَحْكَامِ الاِنْتِحَارِ، وَلِهَذَا يَجِبُ الْقِصَاصُ.

وَهَذَا قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ حَسَّنَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ زُفَرُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّ الأَْمْرَ بِالْقَتْل لَمْ يَقْدَحْ فِي الْعِصْمَةِ؛ لأَِنَّ عِصْمَةَ

_________

(١) مواهب الجليل ٦ / ٢٣٥، ٢٣٦، والزيلعي ٥ / ١٩٠

(٢) ابن عابدين ٥ / ٣٥٢