الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦ - تراجم الفقهاء - انتحار - ثانيا هجوم الواحد على صف العدو
الشَّاهِقِ، أَمِ انْخَسَفَ بِهِ سَقْفٌ أَمْ خَرَّ فِي بِئْرٍ، أَمْ لَقِيَهُ سَبْعٌ، أَمْ غَرِقَ فِي مَاءٍ، أَمِ احْتَرَقَ بِنَارٍ. وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمَطْلُوبُ صَغِيرًا أَمْ كَبِيرًا، أَعْمَى أَمْ بَصِيرًا، عَاقِلًا أَمْ مَجْنُونًا (١) .
وَفَصَّل الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَوْضُوعِ فَقَالُوا: مَنْ أَشَارَ إِلَى رَجُلٍ بِسَيْفٍ، وَكَانَتْ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ، فَتَمَادَى بِالإِْشَارَةِ إِلَيْهِ وَهُوَ يَهْرُبُ مِنْهُ، فَطَلَبَهُ حَتَّى مَاتَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ بِدُونِ الْقَسَامَةِ إِذَا كَانَ الْمَوْتُ بِدُونِ السُّقُوطِ، وَإِذَا سَقَطَ وَمَاتَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ مَعَ الْقَسَامَةِ.
أَمَّا إِذَا كَانَ بِدُونِ عَدَاوَةٍ فَلاَ قِصَاصَ، وَفِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ (٢)
ثَانِيًا: هُجُومُ الْوَاحِدِ عَلَى صَفِّ الْعَدُوِّ:
١١ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ هُجُومِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَحْدَهُ عَلَى جَيْشِ الْعَدُوِّ، مَعَ التَّيَقُّنِ بِأَنَّهُ سَيُقْتَل.
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى جَوَازِ إِقْدَامِ الرَّجُل الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَثِيرِ مِنَ الْكُفَّارِ، إِنْ كَانَ قَصْدُهُ إِعْلاَءَ كَلِمَةِ اللَّهِ، وَكَانَ فِيهِ قُوَّةٌ وَظَنَّ تَأْثِيرَهُ فِيهِمْ، وَلَوْ عَلِمَ ذَهَابَ نَفْسِهِ، فَلاَ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ انْتِحَارًا (٣) .
وَقِيل: إِذَا طَلَبَ الشَّهَادَةَ، وَخَلَصَتِ النِّيَّةُ فَلْيَحْمِل؛ لأَِنَّ مَقْصُودَهُ وَاحِدٌ مِنَ الأَْعْدَاءِ، وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ﴾ (٤)
_________
(١) المغني ٩ / ٥٧٧
(٢) مواهب الجليل ٦ / ٢٤١، جواهر الإكليل ٢ / ٢٥٧
(٣) الشرح الكبير ٢ / ١٨٣
(٤) سورة البقرة / ٢٠٧. وانظر أيضا تفسير القرطبي ٢ / ٣٦٣