الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦ -

فَذَهَبَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْعِرَاقِ إِلَى ثُبُوتِ وِلاَيَتِهِ، وَانْعِقَادِ إِمَامَتِهِ، وَحَمْل الأُْمَّةِ عَلَى طَاعَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْقِدْهَا أَهْل الاِخْتِيَارِ، لأَِنَّ مَقْصُودَ الاِخْتِيَارِ تَمْيِيزُ الْمُوَلَّى، وَقَدْ تَمَيَّزَ هَذَا بِصِفَتِهِ. وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ إِلَى أَنَّ إِمَامَتَهُ لاَ تَنْعَقِدُ إِلاَّ بِالرِّضَا وَالاِخْتِيَارِ، لَكِنْ يَلْزَمُ أَهْل الاِخْتِيَارِ عَقْدُ الإِْمَامَةِ لَهُ، فَإِنْ تَوَقَّفُوا أَثِمُوا لأَِنَّ الإِْمَامَةَ عَقْدٌ لاَ يَتِمُّ إِلاَّ بِعَاقِدٍ. (١)

وَقَال أَبُو يَعْلَى: الإِْمَامَةُ تَنْعَقِدُ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: بِاخْتِيَارِ أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ.

وَالثَّانِي: بِعَهْدِ الإِْمَامِ مِنْ قَبْل.

فَأَمَّا انْعِقَادُهَا بِاخْتِيَارِ أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ، فَلاَ تَنْعَقِدُ إِلاَّ بِجُمْهُورِ أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ. قَال أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ: الإِْمَامُ: الَّذِي يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ، كُلُّهُمْ يَقُول: هَذَا إِمَامٌ.

وَظَاهِرُ هَذَا: أَنَّهَا تَنْعَقِدُ بِجَمَاعَتِهِمْ.

وَرُوِيَ عَنْهُ مَا دَل عَلَى أَنَّهَا تَثْبُتُ بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ، وَلاَ تَفْتَقِرُ إِلَى الْعَقْدِ. فَقَال فِي رِوَايَةِ عَبْدُوسِ بْنِ مَالِكٍ الْعَطَّارِ: وَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِمْ بِالسَّيْفِ حَتَّى صَارَ خَلِيفَةً وَسُمِّيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَلاَ يَحِل لأَِحَدٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ أَنْ يَبِيتَ وَلاَ يَرَاهُ إِمَامًا، بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا. وَقَال أَيْضًا فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ - فِي الإِْمَامِ يَخْرُجُ عَلَيْهِ مَنْ يَطْلُبُ الْمُلْكَ، فَيَكُونُ مَعَ هَذَا قَوْمٌ وَمَعَ هَذَا قَوْمٌ -: تَكُونُ الْجُمُعَةُ مَعَ مَنْ غَلَبَ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ صَلَّى بِأَهْل الْمَدِينَةِ فِي زَمَنِ الْحَرَّةِ. وَقَال: نَحْنُ مَعَ مَنْ غَلَبَ.

وَجْهُ الرِّوَايَةِ الأُْولَى: أَنَّهُ لَمَّا اخْتَلَفَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَْنْصَارُ، فَقَالَتِ الأَْنْصَارُ: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ "

_________

(١) الأحكام السلطانية للماوردي ص ٨