الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦ - تراجم الفقهاء - الإمامة الكبرى - ما تنعقد به الإمامة - ثانيا ولاية العهد (الاستخلاف) - استخلاف الغائب
بِالشَّيْخَيْنِ فِي كُل مَا يَعْرِضُ لَهُ دُونَ اجْتِهَادِهِ، فَانْعَقَدَ أَمْرُ عُثْمَانَ لِذَلِكَ، وَأَوْجَبُوا طَاعَتَهُ، وَالْمَلأَُ مِنَ الصَّحَابَةِ حَاضِرُونَ لِلأُْولَى وَالثَّانِيَةِ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ، فَدَل عَلَى أَنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْعَهْدِ، عَارِفُونَ بِمَشْرُوعِيَّتِهِ، وَالإِْجْمَاعُ حُجَّةٌ كَمَا عُرِفَ، وَلاَ يُتَّهَمُ الإِْمَامُ فِي هَذَا الأَْمْرِ وَإِنْ عَهِدَ إِلَى أَبِيهِ أَوِ ابْنِهِ، لأَِنَّهُ مَأْمُونٌ عَلَى النَّظَرِ لَهُمْ فِي حَيَاتِهِ، فَأَوْلَى أَنْ لاَ يَحْتَمِل فِيهَا تَبِعَةً بَعْدَ مَمَاتِهِ، خِلاَفًا لِمَنْ قَال بِاتِّهَامِهِ فِي الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ، أَوْ لِمَنْ خَصَّصَ التُّهْمَةَ بِالْوَلَدِ دُونَ الْوَالِدِ، فَإِنَّهُ بَعِيدٌ عَنِ الظِّنَّةِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، لاَ سِيَّمَا إِذَا كَانَتْ هُنَاكَ دَاعِيَةٌ تَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ إِيثَارِ مَصْلَحَةٍ أَوْ تَوَقُّعِ مَفْسَدَةٍ فَتَنْتَفِي الظِّنَّةُ فِي ذَلِكَ رَأْسًا (١) .
هَذَا، وَلِلإِْمَامِ أَنْ يَجْعَلَهَا شُورَى بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ مِنْ أَهْل الإِْمَامَةِ، فَيَتَعَيَّنُ مَنْ عَيَّنُوهُ بَعْدَ مَوْتِ الإِْمَامِ، لأَِنَّ عُمَرَ ﵁ جَعَل الأَْمْرَ شُورَى بَيْنَ سِتَّةٍ، فَاتَّفَقُوا عَلَى عُثْمَانَ ﵁، فَلَمْ يُخَالِفْ مِنَ الصَّحَابَةِ أَحَدٌ، فَكَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا (٢) .
اسْتِخْلاَفُ الْغَائِبِ:
١٦ - صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّهُ يَصِحُّ اسْتِخْلاَفُ غَائِبٍ عَنِ الْبَلَدِ، إِنْ عُلِمَ حَيَاتُهُ، وَيُسْتَقْدَمُ بَعْدَ مَوْتِ الإِْمَامِ، فَإِنْ طَال غِيَابُهُ وَتَضَرَّرَ الْمُسْلِمُونَ بِغِيَابِهِ يَجُوزُ لأَِهْل الاِخْتِيَارِ نَصْبُ نَائِبٍ عَنْهُ، وَيَنْعَزِل النَّائِبُ بِقُدُومِهِ. (٣)
_________
(١) مقدمة ابن خلدون ص ٢١٠
(٢) مغني المحتاج ٤ / ١٣١، ونهاية المحتاج ٧ / ٤١١، وأسنى المطالب ٤ / ١٠٩، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص ١٠
(٣) أسنى المطالب ٤ / ١١٠، والأحكام السلطانية للماوردي ص ٨، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص ١٠