الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦ -

عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَيْسَتِ الْعَدَالَةُ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْوِلاَيَةِ، فَيَصِحُّ تَقْلِيدُ الْفَاسِقِ الإِْمَامَةَ عِنْدَهُمْ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَإِذَا قُلِّدَ إِنْسَانٌ الإِْمَامَةَ حَال كَوْنِهِ عَدْلًا، ثُمَّ جَارَ فِي الْحُكْمِ، وَفَسَقَ بِذَلِكَ أَوْ غَيْرِهِ لاَ يَنْعَزِل، وَلَكِنْ يَسْتَحِقُّ الْعَزْل إِنْ لَمْ يَسْتَلْزِمْ عَزْلُهُ فِتْنَةً، وَيَجِبُ أَنْ يُدْعَى لَهُ بِالصَّلاَحِ وَنَحْوِهِ، وَلاَ يَجِبُ الْخُرُوجُ عَلَيْهِ، كَذَا نَقَل الْحَنَفِيَّةُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَلِمَتُهُمْ قَاطِبَةً مُتَّفِقَةٌ فِي تَوْجِيهِهِ عَلَى أَنَّ وَجْهَهُ: هُوَ أَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ ﵃ صَلَّوْا خَلْفَ أَئِمَّةِ الْجَوْرِ وَقَبِلُوا الْوِلاَيَةَ عَنْهُمْ. وَهَذَا عِنْدَهُمْ لِلضَّرُورَةِ وَخَشْيَةَ الْفِتْنَةِ. (١)

وَقَال الدُّسُوقِيُّ: يَحْرُمُ الْخُرُوجُ عَلَى الإِْمَامِ الْجَائِرِ لأَِنَّهُ لاَ يُعْزَل السُّلْطَانُ بِالظُّلْمِ وَالْفِسْقِ وَتَعْطِيل الْحُقُوقِ بَعْدَ انْعِقَادِ إِمَامَتِهِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ وَعْظُهُ وَعَدَمُ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ، إِنَّمَا هُوَ لِتَقْدِيمِ أَخَفِّ الْمَفْسَدَتَيْنِ، إِلاَّ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ إِمَامٌ عَدْلٌ، فَيَجُوزُ الْخُرُوجُ عَلَيْهِ وَإِعَانَةُ ذَلِكَ الْقَائِمِ. (٢)

وَقَال الْخَرَشِيُّ: رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ: إِنْ كَانَ الإِْمَامُ مِثْل عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَجَبَ عَلَى النَّاسِ الذَّبُّ عَنْهُ وَالْقِتَال مَعَهُ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلاَ، دَعْهُ وَمَا يُرَادُ مِنْهُ، يَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنَ الظَّالِمِ بِظَالِمٍ، ثُمَّ يَنْتَقِمُ مِنْ كِلَيْهِمَا. (٣)

وَقَال الْمَاوَرْدِيُّ: إِنَّ الْجَرْحَ فِي عَدَالَةِ الإِْمَامِ، وَهُوَ الْفِسْقُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا مَا تَبِعَ فِيهِ الشَّهْوَةَ،

_________

(١) المسامرة بشرح المسايرة ص ٣٢٣، وابن عابدين ١ / ٣٦٨

(٢) الدسوقي ٤ / ٢٩٩

(٣) الخرشي ٨ / ٦٠