الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦ - تراجم الفقهاء - إلحاد - الفرق بين كل من الزندقة والنفاق والدهرية وبين الإلحاد

حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ﴾ (١) مَعَ إِنْكَارِ إِسْنَادِ الْحَوَادِثِ إِلَى الصَّانِعِ الْمُخْتَارِ ﷾ (٢) .

الْفَرْقُ بَيْنَ كُلٍّ مِنَ الزَّنْدَقَةِ وَالنِّفَاقِ وَالدَّهْرِيَّةِ وَبَيْنَ الإِْلْحَادِ:

٦ - نَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ ابْنِ كَمَالٍ بَاشَا قَوْلَهُ: الزِّنْدِيقُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ يُطْلَقُ عَلَى: مَنْ يَنْفِي الْبَارِيَ تَعَالَى، وَعَلَى مَنْ يُثْبِتُ الشَّرِيكَ، وَعَلَى مَنْ يُنْكِرُ حِكْمَتَهُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُرْتَدِّ الْعُمُومُ الْوَجْهِيُّ، لأَِنَّهُ قَدْ لاَ يَكُونُ مُرْتَدًّا، كَمَا لَوْ كَانَ زِنْدِيقًا أَصْلِيًّا غَيْرَ مُنْتَقِلٍ عَنْ دَيْنِ الإِْسْلاَمِ. وَالْمُرْتَدُّ قَدْ لاَ يَكُونُ زِنْدِيقًا، كَمَا لَوْ تَنَصَّرَ أَوْ تَهَوَّدَ. وَقَدْ يَكُونُ مُسْلِمًا فَيَتَزَنْدَقُ. وَأَمَّا فِي اصْطِلاَحِ الشَّرْعِ فَالْفَرْقُ أَظْهَرُ، لاِعْتِبَارِهِمْ فِيهِ إِبْطَانَ الْكُفْرِ وَالاِعْتِرَافَ بِنُبُوَّةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الزِّنْدِيقِ وَالْمُنَافِقِ وَالدَّهْرِيِّ وَالْمُلْحِدِ - مَعَ الاِشْتِرَاكِ فِي إِبْطَانِ الْكُفْرِ - أَنَّ الْمُنَافِقَ غَيْرُ مُعْتَرِفٍ بِنُبُوَّةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ وَالدَّهْرِيُّ كَذَلِكَ مَعَ إِنْكَارِ إِسْنَادِ الْحَوَادِثِ إِلَى الصَّانِعِ الْمُخْتَارِ ﷾، وَالْمُلْحِدُ لاَ يُشْتَرَطُ فِيهِ الاِعْتِرَافُ بِنُبُوَّةِ نَبِيِّنَا ﷺ وَلاَ بِوُجُودِ الصَّانِعِ تَعَالَى. وَبِهَذَا فَارَقَ الدَّهْرِيَّ أَيْضًا. وَلاَ يُعْتَبَرُ فِيهِ إِضْمَارُ الْكُفْرِ، وَبِهِ فَارَقَ الْمُنَافِقَ. كَمَا لاَ يُعْتَبَرُ فِيهِ سَبْقُ الإِْسْلاَمِ وَبِهِ فَارَقَ الْمُرْتَدَّ. فَالْمُلْحِدُ أَوْسَعُ فِرَقِ الْكُفْرِ حَدًّا، وَأَعَمُّ فِي الْجُمْلَةِ مِنَ الْكُل. (٣) أَيْ هُوَ مَعْنَى الْكَافِرِ مُطْلَقًا، تَقَدَّمَهُ إِسْلاَمُهُ أَمْ لاَ، أَظْهَرَ كُفْرَهُ أَمْ أَبْطَنَهُ.

_________

(١) سورة الجاثية / ٢٤.

(٢) المصباح المنير، وابن عابدين ٣ / ٢٩٦.

(٣) ابن عابدين ٣ / ٩٦.