الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦ - تراجم الفقهاء - التزام - التصرفات الاختيارية
وَالْعِدَةُ لَيْسَ فِيهَا إِلْزَامُ الشَّخْصِ نَفْسَهُ شَيْئًا الآْنَ، وَإِنَّمَا هِيَ كَمَا قَال ابْنُ عَرَفَةَ: إِخْبَارٌ عَنْ إِنْشَاءِ الْمُخْبِرِ مَعْرُوفًا فِي الْمُسْتَقْبَل.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا يَدُل عَلَى الاِلْتِزَامِ، وَمَا يَدُل عَلَى الْعِدَةِ: هُوَ مَا يُفْهَمُ مِنْ سِيَاقِ الْكَلاَمِ وَقَرَائِنِ الأَْحْوَال. وَالظَّاهِرُ مِنْ صِيغَةِ الْمُضَارِعِ: الْوَعْدُ، مِثْل: أَنَا أَفْعَل، إِلاَّ أَنْ تَدُل قَرِينَةٌ عَلَى الاِلْتِزَامِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلاَمِ ابْنِ رُشْدٍ. وَذَلِكَ مِثْل مَا لَوْ سَأَلَك مَدِينٌ أَنْ تُؤَخِّرَهُ إِلَى أَجَل كَذَا، فَقُلْتَ: أَنَا أُؤَخِّرُكَ، فَهُوَ عِدَةٌ، وَلَوْ قُلْتَ: قَدْ أَخَّرْتُكَ، فَهُوَ الْتِزَامٌ (١) .
أَسْبَابُ الاِلْتِزَامِ:
٩ - مِنْ تَعْرِيفِ الاِلْتِزَامِ اللُّغَوِيِّ وَالشَّرْعِيِّ، وَمِنِ اسْتِعْمَالاَتِ الْفُقَهَاءِ وَعِبَارَاتِهِمْ، يَتَبَيَّنُ أَنَّ سَبَبَ الاِلْتِزَامِ هُوَ تَصَرُّفَاتُ الإِْنْسَانِ الاِخْتِيَارِيَّةُ الَّتِي يُوجِبُ بِهَا حَقًّا عَلَى نَفْسِهِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ هَذَا الْحَقُّ تُجَاهَ شَخْصٍ، كَالاِلْتِزَامَاتِ الَّتِي يُبْرِمُهَا، وَمِنْهَا الْعُقُودُ وَالْعُهُودُ الَّتِي يَتَعَهَّدُ بِهَا، وَالأَْيْمَانُ الَّتِي يَعْقِدُهَا، وَالشُّرُوطُ الَّتِي يَشْتَرِطُهَا. أَمْ كَانَ لِحَقِّ اللَّهِ، كَنَذْرِ صَلاَةٍ أَوْ صَوْمٍ أَوِ اعْتِكَافٍ أَوْ صَدَقَةٍ مَثَلًا.
وَهُنَاكَ أَسْبَابٌ أُخْرَى سَيَأْتِي ذِكْرُهَا فِيمَا بَعْدُ. وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي.
التَّصَرُّفَاتُ الاِخْتِيَارِيَّةُ:
١٠ - التَّصَرُّفَاتُ الَّتِي يُبَاشِرُهَا الإِْنْسَانُ بِاخْتِيَارِهِ
_________
(١) فتح العلي المالك ١ / ٢٥٤، ٢٥٧.