الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦ -
لَيْسَ عَلَى مَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ مِنْ خِلاَفِ الْقَوْل، وَلَوْ إِشَارَةَ الأَْخْرَسِ، أَوْ مُجَرَّدَ الْكِتَابَةِ، بَل هُوَ أَعَمُّ، فَيَشْمَل التَّهْدِيدَ - لأَِنَّهُ مِنْ عَمَل اللِّسَانِ - وَلَوْ مَفْهُومًا بِدَلاَلَةِ الْحَال مِنْ مُجَرَّدِ الأَْمْرِ: كَأَمْرِ السُّلْطَانِ أَوِ الأَْمِيرِ، وَأَمْرِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ، وَأَمْرِ الْخَانِقِ الَّذِي يَبْدُو مِنْهُ الإِْصْرَارُ. (١)
وَالْحَنَفِيَّةُ يَقُولُونَ: أَمْرُ السُّلْطَانِ إِكْرَاهٌ - وَإِنْ لَمْ يَتَوَعَّدْ - وَأَمْرُ غَيْرِهِ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ، إِلاَّ أَنْ يَعْلَمَ تَضَمُّنَهُ التَّهْدِيدَ بِدَلاَلَةِ الْحَال. (٢)
وَغَيْرُ الْحَنَفِيَّةِ يُسَوُّونَ بَيْنَ ذَوِي الْبَطْشِ وَالسَّطْوَةِ أَيًّا كَانُوا، (٣) وَصَاحِبُ الْمَبْسُوطِ نَفْسُهُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ يَقُول: إِنَّ مِنْ عَادَةِ الْمُتَجَبِّرِينَ التَّرَفُّعَ عَنِ التَّهْدِيدِ بِالْقَتْل، وَلَكِنَّهُمْ لاَ يُعَاقِبُونَ مُخَالِفِيهِمْ إِلاَّ بِهِ. (٤)
٣ - ثُمَّ الْمُرَادُ بِالْفِعْل الْمَذْكُورِ - فِعْلٌ وَاقِعٌ عَلَى الْمُكْرَهِ (بِالْفَتْحِ) نَفْسِهِ - وَلَوْ كَانَ تَهْدِيدًا بِأَخْذِ أَوْ حَبْسِ مَالِهِ الَّذِي لَهُ وَقْعٌ، لاَ التَّافِهِ الَّذِي لاَ يُعْتَدُّ بِهِ، أَوْ تَهْدِيدًا بِالْفُجُورِ بِامْرَأَتِهِ إِنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا. (٥) وَيَسْتَوِي التَّهْدِيدُ الْمُقْتَرِنُ بِالْفِعْل الْمُهَدَّدِ بِهِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ (٦): أَخَذَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ، وَغَطَّهُ فِي الْمَاءِ لِيَرْتَدَّ، وَالتَّهْدِيدُ الْمُجَرَّدُ، خِلاَفًا لِمَنْ لَمْ يَعْتَدَّ بِمُجَرَّدِ التَّهْدِيدِ، كَأَبِي
_________
(١) البحر الرائق ٨ / ٨٠، ٨٤، ورد المحتار ٥ / ٨٠، وتحفة المحتاج ٧ / ٣٧، والمنحة على تحفة ابن عاصم ٢ / ٤١.
(٢) إتحاف الأبصار ص ٤٤٠، والأتاسي على المجلة ٣ / ٥٦١.
(٣) قليوبي ٤ / ١٠١، وفروع ابن مفلح ٣ / ١٧٦.
(٤) المبسوط ٢٤ / ٧٦.
(٥) رد المحتار ٥ / ٨٠، وتحفة المحتاج ٧ / ٣٧، والمنحة على تحفة ابن عاصم ٢ / ٤١، فروع ابن مفلح ٣ / ١٧٦.
(٦) حديث " أخذ عمار بن ياسر وغطه في الماء ليرتد. . . " أخرجه ابن سعد في طبقاته (٣ / ٢٤٩ - ط دار صادر) وإسناده ضعيف لإرساله.