الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦ -
النَّسَبِ (١) . وَلأَِصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِيمَا إِذَا كَانَ الْمُقِرُّ صَادِقًا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى. هَل يَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى الْمُقَرِّ لَهُ نَصِيبَهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ (دِيَانَةً) وَهُوَ الأَْصَحُّ، وَهَل يَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى الْمُقَرِّ لَهُ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ أَوْ ثُلُثَهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. (٢)
وَإِنْ أَقَرَّ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ بِنَسَبِ مَنْ يُشَارِكُهُمْ فِي الْمِيرَاثِ ثَبَتَ نَسَبُهُ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْوَرَثَةُ وَاحِدًا أَمْ جَمَاعَةً، ذُكُورًا أَمْ إِنَاثًا، وَبِهَذَا قَال الشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَحَكَاهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، لأَِنَّ الْوَارِثَ يَقُومُ مُقَامَ الْمَيِّتِ فِي مِيرَاثِهِ وَدُيُونِهِ. . . وَكَذَلِكَ فِي النَّسَبِ، وَقَدْ رَوَتِ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ ﵂ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ ﵁ اخْتَصَمَ هُوَ وَعَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فِي ابْنِ أَمَةِ زَمْعَةَ، فَقَال سَعْدٌ:
أَوْصَانِي أَخِي عُتْبَةُ إِذَا قَدِمْتُ مَكَّةَ أَنْ أَنْظُرَ إِلَى ابْنِ أَمَةِ زَمْعَةَ وَأَقْبِضَهُ فَإِنَّهُ ابْنُهُ، فَقَال عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ:
هُوَ أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ (٣) وَلأَِنَّهُ حَقٌّ يَثْبُتُ بِالإِْقْرَارِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ الْعَدَدُ، وَلأَِنَّهُ قَوْلٌ لاَ تُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَدَالَةُ فَلَمْ يُعْتَبَرِ الْعَدَدُ فِيهِ، وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لاَ يَثْبُتُ إِلاَّ بِإِقْرَارِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَقَال مَالِكٌ: لاَ يَثْبُتُ إِلاَّ بِإِقْرَارِ اثْنَيْنِ،
_________
(١) المغني ٥ / ١٩٧ - ١٩٩، وحاشية ابن عابدين ٤ / ٤٦٦، والهداية والفتح والعناية ٦ / ١٣ - ١٩، والدسوقي على الشرح الكبير ٣ / ٤١٥، والشرح الصغير ٣ / ٥٤٠ - ٥٤٢، والمهذب ٣ / ٣٥٢ - ٣٥٣، ونهاية المحتاج ٥ / ١٠٦ - ١١٥، وكشاف القناع ٦ / ٤٦٠ - ٤٦٤، والإنصاف ١٢ / ١٤٨ - ١٥٠.
(٢) المغني ٥ / ١٩٩، ونهاية المحتاج ٥ / ١١٤.
(٣) حديث عائشة أن النبي ﷺ قال: " هو لك يا عبد زمعة " أخرجه البخاري (١٢ / ١٢٧ - الفتح) .