الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦ - تراجم الفقهاء - إقرار - هل الإقرار يصلح سببا للملك

عُهِدَ فِي الشَّرِيعَةِ، ثُمَّ جَاءَ شُهُودٌ أَخْبَرُوهُ أَنَّ أَبَاهُ أَشْهَدَهُمْ أَنَّهُ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ فِي صِغَرِهِ بِهَذِهِ الدَّارِ وَحَازَهَا لَهُ، فَإِنَّهُ إِذَا رَجَعَ عَنْ إِقْرَارِهِ مُعْتَذِرًا بِإِخْبَارِ الْبَيِّنَةِ لَهُ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِذَلِكَ، فَإِنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَعُذْرُهُ، وَيُقِيمُ بَيِّنَتَهُ، وَلاَ يَكُونُ إِقْرَارُهُ السَّابِقُ مُكَذِّبًا لِلْبَيِّنَةِ وَقَادِحًا فِيهَا، فَيُقْبَل الرُّجُوعُ فِي الإِْقْرَارِ.

وَإِذَا قَال: لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إِنْ حَلَفَ - أَوْ مَعَ يَمِينِهِ - فَحَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ، فَرَجَعَ الْمُقِرُّ وَقَال: مَا ظَنَنْتُ أَنَّهُ يَحْلِفُ، لاَ يَلْزَمُ الْمُقِرَّ شَيْءٌ، لأَِنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِأَنَّ هَذَا الاِشْتِرَاطَ يَقْضِي عَدَمَ اعْتِقَادِ لُزُومِ مَا أَقَرَّ بِهِ، وَالْعَادَةُ جَرَتْ عَلَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِإِقْرَارٍ. (١) وَيَقُول ابْنُ جُزَيٍّ: مَنْ أَقَرَّ بِحَقٍّ لِمَخْلُوقٍ لَمْ يَنْفَعْهُ الرُّجُوعُ، وَإِنْ أَقَرَّ بِحَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى كَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ فَإِنْ رَجَعَ إِلَى شُبْهَةٍ قُبِل مِنْهُ، وَإِنْ رَجَعَ إِلَى غَيْرِ شُبْهَةٍ فَفِيهِ قَوْلاَنِ: قَوْلٌ يُقْبَل مِنْهُ وِفَاقًا لأَِبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ. وَقِيل: لاَ يُقْبَل مِنْهُ وِفَاقًا لِلْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ (٢) .

هَل الإِْقْرَارُ يَصْلُحُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ؟

٦١ - نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ: عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِمَالٍ، وَالْمُقَرُّ لَهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي إِقْرَارِهِ، لاَ يَحِل لَهُ أَخْذُهُ عَنْ كَرْهٍ مِنْهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، إِلاَّ أَنْ يُسَلِّمَهُ بِطِيبٍ مِنْ نَفْسِهِ، فَيَكُونُ تَمْلِيكًا مُبْتَدَأً عَلَى سَبِيل الْهِبَةِ، وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ ابْنِ الْفَضْل: أَنَّ الإِْقْرَارَ لاَ يَصْلُحُ سَبَبًا لِلتَّمْلِيكِ، وَفِي الْهِدَايَةِ وَشُرُوحِهَا: وَالْمُقَرُّ لَهُ إِذَا صَدَّقَهُ ثُمَّ رَدَّهُ لاَ يَصِحُّ رَدُّهُ.

_________

(١) الفروق ٤ / ٣٨، ومواهب الجليل للحطاب ٥ / ٢٢٣.

(٢) القوانين الفقهية ص ٢٠٨.