الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦ -

ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ، وَبِهِ قَال ابْنُ الْمَاجِشُونِ (١) .

وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ لاَ يَعْتَبِرُونَ إِلاَّ الرُّجُوعَ الصَّرِيحَ. وَلاَ يَرَوْنَ مِثْل الْهُرُوبِ عِنْدَ تَنْفِيذِ الْحَدِّ رُجُوعًا، فَلَوْ قَال الْمُقِرُّ: اتْرُكُونِي أَوْ لاَ تَحُدُّونِي، أَوْ هَرَبَ قَبْل حَدِّهِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ لاَ يَكُونُ رُجُوعًا فِي الأَْصَحِّ، لأَِنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ، وَإِنْ كَانَ يَجِبُ تَخْلِيَتُهُ حَالًا، فَإِنْ صَرَّحَ فَذَاكَ وَإِلاَّ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، وَإِنْ لَمْ يُخَل لَمْ يُضْمَنْ، لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِمْ شَيْئًا فِي خَبَرِ مَاعِزٍ.

٦٠ - أَمَّا مَنْ أَقَرَّ بِحَقٍّ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ أَوْ بِحَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى لاَ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ - كَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَكَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ - ثُمَّ رَجَعَ فِي إِقْرَارِهِ فَإِنَّهُ لاَ يُقْبَل رُجُوعُهُ عَنْهَا مِنْ غَيْرِ خِلاَفٍ، لأَِنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ لِغَيْرِهِ فَلَمْ يَمْلِكْ إِسْقَاطَهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ، لأَِنَّ حَقَّ الْعَبْدِ بَعْدَ مَا ثَبَتَ لاَ يَحْتَمِل السُّقُوطَ بِالرُّجُوعِ، وَلأَِنَّ حُقُوقَ الْعِبَادِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُشَاحَّةِ، وَمَا دَامَ قَدْ ثَبَتَ لَهُ فَلاَ يُمْكِنُ إِسْقَاطُهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ. (٢)

وَقَدْ وَضَّحَ الْقَرَافِيُّ الإِْقْرَارَ الَّذِي يُقْبَل الرُّجُوعُ عَنْهُ وَاَلَّذِي لاَ يُقْبَل الرُّجُوعُ عَنْهُ، فَقَال: الأَْصْل فِي الإِْقْرَارِ اللُّزُومُ مِنَ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ، لأَِنَّهُ عَلَى خِلاَفِ الطَّبْعِ. وَضَابِطُ مَا لاَ يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْهُ، هُوَ مَا لَيْسَ لَهُ فِيهِ عُذْرٌ عَادِيٌّ، (٣) وَضَابِطُ مَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْهُ - أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي الرُّجُوعِ عَنْهُ عُذْرٌ عَادِيٌّ، فَإِذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ لِلْوَرَثَةِ أَنَّ مَا تَرَكَهُ أَبُوهُ مِيرَاثٌ بَيْنَهُمْ عَلَى مَا

_________

(١) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي ٤ / ٣١٨ - ٣١٩.

(٢) نهاية المحتاج ٤ / ٤١٠ - ٤١١، وقليوبي مع شرح المحلي ٣ / ١٨١ - ١٨٢.

(٣) البدائع ٧ / ٦١، ٢٣٢، والبحر الرائق ٥ / ٨، والمهذب ٢ / ٣٤٦، والمغني ٥ / ١٦٤، ٨ / ١٩٧.