الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦ - تراجم الفقهاء - إقرار - ركن الإقرار - الركن الثالث المقر به

الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الْمُقَرُّ بِهِ:

٣٤ - الْمُقَرُّ بِهِ فِي الأَْصْل نَوْعَانِ: حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَحَقُّ الْعَبْدِ. (١) وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى نَوْعَانِ: حَقٌّ خَالِصٌ لِلَّهِ، وَحَقٌّ لِلَّهِ فِيهِ حَقٌّ وَلِلْعَبْدِ أَيْضًا.

وَلِصِحَّةِ الإِْقْرَارِ بِحَقِّ اللَّهِ شُرُوطٌ هِيَ: تَعَدُّدُ الإِْقْرَارِ، وَمَجْلِسُ الْقَضَاءِ، وَالْعِبَارَةُ. حَتَّى إِنَّ الأَْخْرَسَ إِذَا كَتَبَ الإِْقْرَارَ فِيمَا هُوَ حَقُّ اللَّهِ بِيَدِهِ، أَوْ بِمَا يُعْرَفُ أَنَّهُ إِقْرَارٌ بِهَذِهِ الأَْشْيَاءِ يَجُوزُ، بِخِلاَفِ الَّذِي اعْتُقِل لِسَانُهُ، لأَِنَّ لِلأَْخْرَسِ إِشَارَةً مَعْهُودَةً فَإِذَا أَتَى بِهَا يَحْصُل الْعِلْمُ بِالْمُشَارِ إِلَيْهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِمَنِ اعْتُقِل لِسَانُهُ، وَلأَِنَّ إِقَامَةَ الإِْشَارَةِ مَقَامَ الْعِبَارَةِ أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ، وَالْخَرَسُ ضَرُورَةٌ لأَِنَّهُ أَصْلِيٌّ، وَكَذَلِكَ فَإِنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الإِْقْرَارِ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى الصَّحْوُ حَتَّى يَصِحَّ إِقْرَارُ السَّكْرَانِ، وَفِي ذَلِكَ كُلِّهِ تَفْصِيلٌ وَخِلاَفٌ مُبَيَّنٌ فِي الْحُدُودِ، وَعِنْدَ الْكَلاَمِ عَنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى.

وَأَمَّا حَقُّ الْعَبْدِ فَهُوَ الْمَال، مِنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ وَالنَّسَبِ وَالْقِصَاصِ وَالطَّلاَقِ وَالْعِتَاقِ وَنَحْوِهَا، وَلاَ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الإِْقْرَارِ بِهَا مَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الإِْقْرَارِ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى. فَهِيَ تَثْبُتُ مَعَ الشُّبُهَاتِ، بِخِلاَفِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى.

وَالشَّرَائِطُ الْمُخْتَصَّةُ بِحُقُوقِ الْعِبَادِ نَوْعَانِ: نَوْعٌ يَرْجِعُ إِلَى الْمُقَرِّ لَهُ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا عَلَى مَا سَبَقَ، وَنَوْعٌ يَرْجِعُ إِلَى الْمُقَرِّ بِهِ، فَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الإِْقْرَارِ بِالْعَيْنِ وَالدَّيْنِ الْفَرَاغُ عَنْ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ.

فَإِنْ كَانَ مَشْغُولًا بِحَقِّ الْغَيْرِ لَمْ يَصِحَّ، لأَِنَّ حَقَّ الْغَيْرِ مَعْصُومٌ مُحْتَرَمٌ، فَلاَ يَجُوزُ إِبْطَالُهُ مِنْ غَيْرِ

_________

(١) بدائع الصنائع ٧ / ٢٢٣، والمهذب ٢ / ٣٤٣.