الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٦ -

مُحْدِثٌ مُتَعَمِّدًا.

أَمَّا الْفِسْقُ فِي الْعَقِيدَةِ، أَوْ بِارْتِكَابِ الْمُحَرَّمَاتِ، فَهِيَ مَسْأَلَةٌ خِلاَفِيَّةٌ، وَقَدْ شَدَّدَ فِيهَا الإِْمَامُ أَحْمَدُ، وَقَال: إِنَّهُ إِذَا كَانَ دَاعِيًا إِلَى بِدْعَتِهِ، وَعَلِمَ بِذَلِكَ الْمُقْتَدِي، فَعَلَيْهِ إِعَادَةُ الصَّلاَةِ، حَتَّى لَوْ عَلِمَ بِذَلِكَ بَعْدَ الصَّلاَةِ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الْمُعْتَمَدَةُ فِي الْمَذْهَبِ.

أَمَّا إِذَا كَانَ لاَ يَدْعُو إِلَى بِدْعَتِهِ، وَهُوَ مَسْتُورُ الْحَال، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لاَ إِعَادَةَ عَلَى مَنِ اقْتَدَى بِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ: عَلَيْهِ الإِْعَادَةُ.

وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الصَّلاَةَ خَلْفَ الْفَاسِقِ مَكْرُوهَةٌ، وَلاَ إِعَادَةَ فِيهَا. لِحَدِيثِ: صَلُّوا خَلْفَ مَنْ قَال لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. وَلأَِنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ الْحَجَّاجِ. وَأَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ كَانَا يُصَلِّيَانِ خَلْفَ مَرْوَانَ وَوَرَاءَ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ. (١)

وَمِثْلُهُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ حَيْثُ قَالُوا: لاَ يَصِحُّ الاِقْتِدَاءُ بِإِمَامٍ تَبَيَّنَ فِي الصَّلاَةِ أَوْ بَعْدَهَا أَنَّهُ كَافِرٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ مَجْنُونٌ، أَوْ فَاسِقٌ (عَلَى خِلاَفٍ فِيهِ) أَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ مُحْدِثٌ، إِنْ تَعَمَّدَ الْحَدَثَ أَوْ عَلِمَ الْمُؤْتَمُّ بِحَدَثِهِ فِي الصَّلاَةِ أَوْ قَبْلَهَا، أَوِ اقْتَدَى بِهِ بَعْدَ الْعِلْمِ وَلَوْ نَاسِيًا. (٢)

وَكَذَا قَال الشَّافِعِيَّةُ: لاَ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِمَنْ يَعْلَمُ بُطْلاَنَ صَلاَتِهِ، كَمَنْ عَلِمَ بِكُفْرِهِ أَوْ حَدَثِهِ أَوْ نَجَاسَةِ ثَوْبِهِ، لأَِنَّهُ لَيْسَ فِي صَلاَةٍ فَكَيْفَ يَقْتَدِي بِهِ، وَكَذَا

_________

(١) شرح الدردير ١ / ٣٢٦ و٣٢٧ والمغني ٢ / ١٨٥ - ١٨٨. وحديث: " صلوا خلف من قال لا إله إلا الله. . . " أخرجه الدارقطني (١ / ٥٦ ط دار المحاسن) وضعفه ابن حجر في التلخيص (٢ / ٣٥ ط دار المحاسن) والأثر عن ابن عمر أنه كان يصلي خلف الحجاج. أخرجه ابن أبي شيبة (٢ / ٣٧٨ ط الدار السلفية) .

(٢) جواهر الإكليل ١ / ٧٨، والدسوقي ١ / ٣٢٦، ٣٢٧.