الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥ الصفحة 19

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥

وَكَانَتْ هَذِهِ الإِْرَاقَةُ لاَ يُعْقَل السِّرُّ فِي التَّقَرُّبِ بِهَا، وَجَبَ الاِقْتِصَارُ فِي التَّقَرُّبِ بِهَا عَلَى الْوَقْتِ الَّذِي خَصَّهَا الشَّارِعُ بِهِ. فَلاَ تُقْضَى بِعَيْنِهَا بَعْدَ فَوَاتِ وَقْتِهَا، بَل يَنْتَقِل التَّغَرُّبُ إِلَى التَّصَدُّقِ بِعَيْنِ الشَّاةِ حَيَّةً، أَوْ بِقِيمَتِهَا أَوْ بِقِيمَةِ أُضْحِيَّةٍ مُجْزِئَةٍ، فَمَنْ عَيَّنَ أُضْحِيَّةً شَاةً أَوْ غَيْرَهَا بِالنَّذْرِ أَوْ بِالشِّرَاءِ بِالنِّيَّةِ فَلَمْ يُضَحِّ بِهَا حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا حَيَّةً، لأَِنَّ الأَْصْل فِي الأَْمْوَال التَّقَرُّبُ بِالتَّصَدُّقِ بِهَا لاَ بِالإِْتْلاَفِ وَهُوَ الإِْرَاقَةُ. إِلاَّ أَنَّ الشَّارِعَ نَقَلَهُ إِلَى إِرَاقَةِ دَمِهَا مُقَيَّدَةً بِوَقْتٍ مَخْصُوصٍ حَتَّى أَنَّهُ يَحِل أَكْل لَحْمِهَا لِلْمَالِكِ وَالأَْجْنَبِيِّ وَالْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ، لأَِنَّ النَّاسَ أَضْيَافُ اللَّهِ تَعَالَى فِي هَذَا الْوَقْتِ.

٤٣ - وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِالْبَهِيمَةِ حَيَّةً لَمْ يَحِل لَهُ ذَبْحُهَا وَلاَ الأَْكْل مِنْهَا وَلاَ إِطْعَامُ الأَْغْنِيَاءِ وَلاَ إِتْلاَفُ شَيْءٍ مِنْهَا، فَإِنْ ذَبَحَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِهَا مَذْبُوحَةً، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا بَعْدَ الذَّبْحِ أَقَل مِنْ قِيمَتِهَا حَيَّةً تَصَدَّقَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ فَضْلًا عَنِ التَّصَدُّقِ بِهَا. فَإِنْ أَكَل مِنْهَا بَعْدَ الذَّبْحِ شَيْئًا أَوْ أَطْعَمَ مِنْهَا غَنِيًّا أَوْ أَتْلَفَ شَيْئًا وَجَبَ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِقِيمَتِهِ.

٤٤ - وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ التَّضْحِيَةُ وَلَمْ يُضَحِّ حَتَّى فَاتَ الْوَقْتُ ثُمَّ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُوصِيَ بِالتَّصَدُّقِ بِقِيمَةِ شَاةٍ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، لأَِنَّ الْوَصِيَّةَ هِيَ الطَّرِيقُ إِلَى تَخْلِيصِهِ مِنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ. هَذَا كُلُّهُ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ. (١)

وَلِلإِْيصَاءِ بِالتَّضْحِيَةِ صُوَرٌ نَكْتَفِي بِالإِْشَارَةِ إِلَيْهَا، وَلِتَفْصِيلِهَا وَبَيَانِ أَحْكَامِهَا (ر: وَصِيَّةٌ) .

_________

(١) البدائع ٥ / ٦٨ - ٦٩.

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: مَنْ لَمْ يُضَحِّ حَتَّى فَاتَ الْوَقْتُ فَإِنْ كَانَتْ مَسْنُونَةً - وَهُوَ الأَْصْل - لَمْ يُضَحِّ، وَفَاتَتْهُ تَضْحِيَةُ هَذَا الْعَامِ، فَإِنْ ذَبَحَ وَلَوْ بِنِيَّةِ التَّضْحِيَةِ لَمْ تَكُنْ ذَبِيحَتُهُ أُضْحِيَّةً، وَيُثَابُ عَلَى مَا يُعْطِي الْفُقَرَاءَ مِنْهَا ثَوَابَ الصَّدَقَةِ. وَإِنْ كَانَتْ مَنْذُورَةً لَزِمَهُ أَنْ يُضَحِّيَ قَضَاءً، وَهُوَ رَأْيٌ لِبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ، لأَِنَّهَا قَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فَلَمْ تَسْقُطْ بِفَوَاتِ الْوَقْتِ، فَإِذَا وَجَبَتِ الأُْضْحِيَّةُ بِإِيجَابِهِ لَهَا فَضَلَّتْ أَوْ سُرِقَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ، لأَِنَّهَا أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ، فَإِنْ عَادَتْ إِلَيْهِ ذَبَحَهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ عَوْدَتُهَا فِي زَمَنِ الأُْضْحِيَّةِ أَوْ بَعْدَهُ. (١)

فَإِذَا مَضَى الْوَقْتُ وَلَمْ يُضَحِّ بِالشَّاةِ الْمُعَيَّنَةِ عَادَ الْحُكْمُ إِلَى الأَْصْل، وَهُوَ التَّصَدُّقُ بِعَيْنِ الأُْضْحِيَّةِ حَيَّةً سَوَاءٌ أَكَانَ الَّذِي عَيَّنَهَا مُوسِرًا أَمْ مُعْسِرًا أَوْ بِقِيمَتِهَا. وَفِي هَذِهِ الْحَال لاَ تَحِل لَهُ وَلاَ لأَِصْلِهِ وَلاَ لِفَرْعِهِ وَلاَ لِغَنِيٍّ.

مَا يُسْتَحَبُّ قَبْل التَّضْحِيَةِ:

٤٥ - يُسْتَحَبُّ قَبْل التَّضْحِيَةِ أُمُورٌ:

(١) أَنْ يَرْبِطَ الْمُضَحِّي الأُْضْحِيَّةَ قَبْل يَوْمِ النَّحْرِ بِأَيَّامٍ، لِمَا فِيهِ مِنَ الاِسْتِعْدَادِ لِلْقُرْبَةِ وَإِظْهَارِ الرَّغْبَةِ فِيهَا، فَيَكُونُ لَهُ فِيهِ أَجْرٌ وَثَوَابٌ.

(٢) أَنْ يُقَلِّدَهَا (٢) وَيُجَلِّلَهَا (٣) قِيَاسًا عَلَى الْهَدْيِ، لأَِنَّ ذَلِكَ يُشْعِرُ بِتَعْظِيمِهَا، قَال تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ . (٤)

_________

(١) المجموع للنووي ٨ / ٣٨٨، والمغني ١١ / ١١٥، ١١٦.

(٢) التقليد: تعليق شيء في عنق الحيوان ليعلم أنه هدي أو أضحية.

(٣) والتجليل: إلباس الدابة الجل بضم الجيم، ويجوز فتحها مع تشديد اللام، وهو ما تغطى به الدابة لصيانتها.

(٤) سورة الحج / ٣٢.

(٣) أَنْ يَسُوقَهَا إِلَى مَكَانِ الذَّبْحِ سَوْقًا جَمِيلًا لاَ عَنِيفًا وَلاَ يَجُرُّ بِرِجْلِهَا إِلَيْهِ، (١) لأَِنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَتَبَ الإِْحْسَانَ عَلَى كُل شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ. (٢)

(٤) وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: يُسَنُّ لِمَنْ يُرِيدُ التَّضْحِيَةَ وَلِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّ غَيْرَهُ يُضَحِّي عَنْهُ أَلاَّ يُزِيل شَيْئًا مِنْ شَعْرِ رَأْسِهِ أَوْ بَدَنِهِ بِحَلْقٍ أَوْ قَصٍّ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَلاَ شَيْئًا مِنْ أَظْفَارِهِ بِتَقْلِيمٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلاَ شَيْئًا مِنْ بَشَرَتِهِ كَسِلْعَةٍ لاَ يَضُرُّهُ بَقَاؤُهَا، (٣) وَذَلِكَ مِنْ لَيْلَةِ الْيَوْمِ الأَْوَّل مِنْ ذِي الْحِجَّةِ إِلَى الْفَرَاغِ مِنْ ذَبْحِ الأُْضْحِيَّةِ.

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ، لاَ مَسْنُونٌ، وَحُكِيَ الْوُجُوبُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَرَبِيعَةَ وَإِسْحَاقَ.

وَنَقَل ابْنُ قُدَامَةَ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ. (٤) وَعَلَى الْقَوْل بِالسُّنِّيَّةِ يَكُونُ الإِْقْدَامُ عَلَى هَذِهِ الأُْمُورِ مَكْرُوهًا تَنْزِيهًا، وَعَلَى الْقَوْل بِالْوُجُوبِ يَكُونُ مُحَرَّمًا.

وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ ﵂ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: إِذَا دَخَل الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلاَ يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلاَ مِنْ

_________

(١) البدائع ٥ / ٧٨، والفتاوى الهندية ٥ / ٣٠٠.

(٢) حديث: " إن الله كتب الإحسان على كل شيء " أخرجه مسلم (٤ / ١٥٤٨ - ط الحلبي) .

(٣) السلعة - كما نقل الفيومي عن الأطباء: هي ورم غليظ غير ملتزق باللحم يتحرك بالتحريك (المصباح المنير) .

(٤) المجموع للنووي ٨ / ٣٩٢، والمغني لابن قدامة ١١ / ٩٦، والشرح الصغير وحاشية الصاوي ٢ / ١٤١ ط دار المعارف.

بَشَرِهِ شَيْئًا. (١)

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهَا ﵂ أَنَّهُ ﷺ قَال: إِذَا رَأَيْتُمْ هِلاَل ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ. (٢)

وَالْقَائِلُونَ بِالسُّنِّيَّةِ جَعَلُوا النَّهْيَ لِلْكَرَاهَةِ.

وَالْحَدِيثُ الدَّال عَلَى عَدَمِ تَحْرِيمِ الْفِعْل هُوَ حَدِيثُ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّهَا قَالَتْ: كُنْتُ أَفْتِل قَلاَئِدَ هَدْيِ رَسُول اللَّهِ ﷺ ثُمَّ يُقَلِّدُهُ وَيَبْعَثُ بِهِ وَلاَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ حَتَّى يَنْحَرَ هَدْيَهُ. (٣) قَال الشَّافِعِيُّ: الْبَعْثُ بِالْهَدْيِ، أَكْثَرُ مِنْ إِرَادَةِ التَّضْحِيَةِ فَدَل عَلَى أَنَّهُ لاَ يَحْرُمُ ذَلِكَ.

وَالْحِكْمَةُ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الإِْمْسَاكِ عَنِ الشَّعْرِ وَالأَْظْفَارِ وَنَحْوِهِمَا قِيل: إِنَّهَا التَّشَبُّهُ بِالْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ، وَالصَّحِيحُ: أَنَّ الْحِكْمَةَ أَنْ يَبْقَى مُرِيدُ التَّضْحِيَةِ كَامِل الأَْجْزَاءِ رَجَاءَ أَنْ يُعْتَقَ مِنَ النَّارِ بِالتَّضْحِيَةِ.

مَا يُكْرَهُ قَبْل التَّضْحِيَةِ:

ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ تَحْرِيمًا قَبْل التَّضْحِيَةِ أُمُورٌ:

٤٦ - (الأَْمْرُ الأَْوَّل): حَلْبُ الشَّاةِ الَّتِي اشْتُرِيَتْ لِلتَّضْحِيَةِ أَوْ جَزُّ صُوفُهَا، سَوَاءٌ أَكَانَ الَّذِي اشْتَرَاهَا مُوسِرًا أَمْ مُعْسِرًا، وَكَذَا الشَّاةُ الَّتِي تَعَيَّنَتْ بِالنَّذْرِ، كَأَنْ قَال: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَذِهِ، أَوْ قَال:

_________

(١) حديث: " إذا دخل العشر. . . . " أخرجه مسلم (٣ / ١٥٦٥ - ط الحلبي) .

(٢) حديث: " إذا رأيتم هلال ذي الحجة. . . " أخرجه مسلم (٣ / ١٥٦٥ - ط الحلبي) .

(٣) حديث: " كنت أفتل قلائد هدي رسول الله ﷺ. . . . " أخرجه البخاري (٤ / ٤٩٢ - الفتح ط السلفية)، ومسلم (٢ / ٩٥٧ ط الحلبي) .

جَعَلْتُ هَذِهِ أُضْحِيَّةً.

وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ، لأَِنَّهُ عَيَّنَهَا لِلْقُرْبَةِ فَلاَ يَحِل الاِنْتِفَاعُ بِهَا قَبْل إِقَامَةِ الْقُرْبَةِ فِيهَا، كَمَا لاَ يَحِل لَهُ الاِنْتِفَاعُ بِلَحْمِهَا إِذَا ذَبَحَهَا قَبْل وَقْتِهَا، وَلأَِنَّ الْحَلْبَ وَالْجَزَّ يُوجِبَانِ نَقْصًا فِيهَا وَالأُْضْحِيَّةُ يَمْتَنِعُ إِدْخَال النَّقْصِ فِيهَا.

وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمُ الشَّاةَ الَّتِي اشْتَرَاهَا الْمُوسِرُ بِنِيَّةِ التَّضْحِيَةِ، لأَِنَّ شِرَاءَهُ إِيَّاهَا لَمْ يَجْعَلْهَا وَاجِبَةً، إِذِ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ شَاةٌ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.

وَهَذَا الاِسْتِثْنَاءُ ضَعِيفٌ، فَإِنَّهَا مُتَعَيَّنَةٌ لِلْقُرْبَةِ مَا لَمْ يَقُمْ غَيْرُهَا مَقَامَهَا، فَقَبْل أَنْ يَذْبَحَ غَيْرَهَا بَدَلًا مِنْهَا لاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْلُبَهَا، وَلاَ أَنْ يَجُزَّ صُوفَهَا لِلاِنْتِفَاعِ بِهِ.

وَلِهَذَا لاَ يَحِل لَهُ لَحْمُهَا إِذَا ذَبَحَهَا قَبْل وَقْتِهَا. فَإِنْ كَانَ فِي ضَرْعِ الأُْضْحِيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ لَبَنٌ وَهُوَ يَخَافُ عَلَيْهَا الضَّرَرَ وَالْهَلاَكَ إِنْ لَمْ يَحْلُبْهَا نَضَحَ ضَرْعَهَا بِالْمَاءِ الْبَارِدِ حَتَّى يَتَقَلَّصَ اللَّبَنُ، لأَِنَّهُ لاَ سَبِيل إِلَى الْحَلْبِ.

فَإِنْ حَلَبَهُ تَصَدَّقَ بِاللَّبَنِ، لأَِنَّهُ جُزْءٌ مِنْ شَاةٍ مُتَعَيِّنَةٍ لِلْقُرْبَةِ.

فَإِنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِهِ حَتَّى تَلِفَ أَوْ شَرِبَهُ مَثَلًا وَجَبَ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِمِثْلِهِ أَوْ بِقِيمَتِهِ.

وَمَا قِيل فِي اللَّبَنِ يُقَال فِي الصُّوفِ وَالشَّعْرِ وَالْوَبَرِ. (١)

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: (٢) يُكْرَهُ - أَيْ تَنْزِيهًا - شُرْبُ لَبَنِ الأُْضْحِيَّةِ بِمُجَرَّدِ شِرَائِهَا أَوْ تَعْيِينِهَا مِنْ بَيْنِ بَهَائِمِهِ

_________

(١) البدائع ٥ / ٧٦، والفتاوى ٥ / ٢٠١.

(٢) الدسوقي ٢ / ١٢٣، والشرح الصغير ٢ / ١٤٦ ط دار المعارف.

لِلتَّضْحِيَةِ، وَيُكْرَهُ أَيْضًا جَزُّ صُوفِهَا قَبْل الذَّبْحِ، لِمَا فِيهِ مِنْ نَقْصِ جَمَالِهَا، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ صُورَتَانِ:

أُولاَهُمَا: أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يَنْبُتُ مِثْلُهُ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ قَبْل الذَّبْحِ.

ثَانِيَتُهُمَا: أَنْ يَكُونَ قَدْ أَخَذَهَا بِالشِّرَاءِ وَنَحْوِهِ، أَوْ عَيَّنَهَا لِلتَّضْحِيَةِ بِهَا مِنْ بَيْنِ بَهَائِمِهِ نَاوِيًا جَزَّ صُوفِهَا، فَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ لاَ يُكْرَهُ جَزُّ الصُّوفِ.

وَإِذَا جَزَّهُ فِي غَيْرِ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ كُرِهَ لَهُ بَيْعُهُ.

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: (١) لاَ يُشْرَبُ مِنْ لَبَنِ الأُْضْحِيَّةِ إِلاَّ الْفَاضِل عَنْ وَلَدِهَا، فَإِنْ لَمْ يَفْضُل عَنْهُ شَيْءٌ أَوْ كَانَ الْحَلْبُ يَضُرُّ بِهَا أَوْ يُنْقِصُ لَحْمَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَهُ أَخْذُهُ وَالاِنْتِفَاعُ بِهِ.

وَقَالُوا أَيْضًا: إِنْ كَانَ بَقَاءُ الصُّوفِ لاَ يَضُرُّ بِهَا أَوْ كَانَ أَنْفَعَ مِنَ الْجَزِّ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَخْذُهُ، وَإِنْ كَانَ يَضُرُّ بِهَا أَوْ كَانَ الْجَزُّ أَنْفَعَ مِنْهُ جَازَ الْجَزُّ وَوَجَبَ التَّصَدُّقُ بِالْمَجْزُوزِ.

٤٧ - (الأَْمْرُ الثَّانِي): مِنَ الأُْمُورِ الَّتِي تُكْرَهُ تَحْرِيمًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ قَبْل التَّضْحِيَةِ - بَيْعُ الشَّاةِ الْمُتَعَيِّنَةِ لِلْقُرْبَةِ بِالشِّرَاءِ أَوْ بِالنَّذْرِ، وَإِنَّمَا كُرِهَ بَيْعُهَا، لأَِنَّهَا تَعَيَّنَتْ لِلْقُرْبَةِ، فَلَمْ يَحِل الاِنْتِفَاعُ بِثَمَنِهَا كَمَا لَمْ يَحِل الاِنْتِفَاعُ بِلَبَنِهَا وَصُوفِهَا، ثُمَّ إِنَّ الْبَيْعَ مَعَ كَرَاهَتِهِ يَنْفُذُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، لأَِنَّهُ بَيْعُ مَالٍ مَمْلُوكٍ مُنْتَفَعٍ بِهِ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لاَ يَنْفُذُ، لأَِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَقْفِ.

وَبِنَاءً عَلَى نَفَاذِ بَيْعِهَا فَعَلَيْهِ مَكَانَهَا مِثْلُهَا أَوْ أَرْفَعُ مِنْهَا فَيُضَحِّي بِهَا، فَإِنْ فَعَل ذَلِكَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ

_________

(١) المغني بأعلى الشرح الكبير ١١ / ١٠٥، ١٠٦، تحفة المحتاج ٨ / ١٦٣.

آخَرُ، وَإِنِ اشْتَرَى دُونَهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِفَرْقِ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ، وَلاَ عِبْرَةَ بِالثَّمَنِ الَّذِي حَصَل بِهِ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ إِنْ كَانَ مُغَايِرًا لِلْقِيمَةِ. (١)

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَحْرُمُ بَيْعُ الأُْضْحِيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ بِالنَّذْرِ وَإِبْدَالُهَا، وَأَمَّا الَّتِي لَمْ تَتَعَيَّنْ بِالنَّذْرِ فَيُكْرَهُ أَنْ يَسْتَبْدِل بِهَا مَا هُوَ مِثْلُهَا أَوْ أَقَل مِنْهَا.

فَإِذَا اخْتَلَطَتْ مَعَ غَيْرِهَا وَاشْتَبَهَتْ وَكَانَ بَعْضُ الْمُخْتَلَطِ أَفْضَل مِنْ بَعْضٍ كُرِهَ لَهُ تَرْكُ الأَْفْضَل بِغَيْرِ قُرْعَةٍ. (٢)

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لاَ يَجُوزُ بَيْعُ الأُْضْحِيَّةِ الْوَاجِبَةِ وَلاَ إِبْدَالُهَا وَلَوْ بِخَيْرٍ مِنْهَا، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو ثَوْرٍ وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ.

وَلَكِنَّ الْمَنْصُوصَ عَنْ أَحْمَدَ - وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ - أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُبَدِّل الأُْضْحِيَّةَ الَّتِي أَوْجَبَهَا بِخَيْرٍ مِنْهَا، وَبِهِ قَال عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ (٣) .

٤٧ - (الأَْمْرُ الثَّالِثُ): - مِنَ الأُْمُورِ الَّتِي تُكْرَهُ تَحْرِيمًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ قَبْل التَّضْحِيَةِ - بَيْعُ مَا وُلِدَ لِلشَّاةِ الْمُتَعَيِّنَةِ بِالنَّذْرِ أَوْ بِالشِّرَاءِ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا كُرِهَ بَيْعُهُ، لأَِنَّ أُمَّهُ تَعَيَّنَتْ لِلأُْضْحِيَّةِ، وَالْوَلَدُ يَتْبَعُ الأُْمَّ فِي الصِّفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ كَالرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، فَكَانَ يَجِبُ الإِْبْقَاءُ عَلَيْهِ حَتَّى يُذْبَحَ مَعَهَا. فَإِذَا بَاعَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِثَمَنِهِ.

وَقَال الْقُدُورِيُّ: يَجِبُ ذَبْحُ الْوَلَدِ، وَلَوْ تَصَدَّقَ بِهِ حَيًّا جَازَ، لأَِنَّ الْحَقَّ لَمْ يَسْرِ إِلَيْهِ وَلَكِنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ،

_________

(١) البدائع ٥ / ٧٩.

(٢) الدسوقي ٢ / ١٢٣، وبلغة السالك ١ / ٣١١.

(٣) المغني لابن قدامة ١١ / ١١٢.

فَكَانَ كَجِلِّهَا وَخِطَامِهَا، (١) فَإِنْ ذَبَحَهُ تَصَدَّقَ بِقِيمَتِهِ، وَإِنْ بَاعَهُ تَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ.

وَفِي الْفَتَاوَى الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ التَّصَدُّقُ بِهِ حَيًّا، وَيَجُوزُ ذَبْحُهُ، وَإِذَا ذُبِحَ وَجَبَ التَّصَدُّقُ بِهِ، فَإِنْ أَكَل مِنْهُ تَصَدَّقَ بِقِيمَةِ مَا أَكَل.

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَحْرُمُ بَيْعُ وَلَدِ الأُْضْحِيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ بِالنَّذْرِ، وَيُنْدَبُ ذَبْحُ وَلَدِ الأُْضْحِيَّةِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُعَيَّنَةً بِالنَّذْرِ أَمْ لاَ إِذَا خَرَجَ قَبْل ذَبْحِهَا، فَإِذَا ذُبِحَ سُلِكَ بِهِ مَسْلَكَ الأُْضْحِيَّةِ، وَإِذَا لَمْ يُذْبَحْ جَازَ إِبْقَاؤُهُ وَصَحَّتِ التَّضْحِيَةُ بِهِ فِي عَامٍ آخَرَ.

وَأَمَّا الْوَلَدُ الَّذِي خَرَجَ بَعْدَ الذَّبْحِ، فَإِنْ خَرَجَ مَيِّتًا، وَكَانَ قَدْ تَمَّ خَلْقُهُ وَنَبَتَ شَعْرُهُ كَانَ كَجُزْءٍ مِنَ الأُْضْحِيَّةِ، وَإِنْ خَرَجَ حَيًّا حَيَاةً مُحَقَّقَةً وَجَبَ ذَبْحُهُ لاِسْتِقْلاَلِهِ بِنَفْسِهِ. (٢)

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا نَذَرَ شَاةً مُعَيَّنَةً أَوْ قَال: جَعَلْتُ هَذِهِ الشَّاةَ أُضْحِيَّةً، أَوْ نَذَرَ أُضْحِيَّةً فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ عَيَّنَ شَاةً عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ، فَوَلَدَتْ الشَّاةُ الْمَذْكُورَةُ وَجَبَ ذَبْحُ وَلَدِهَا فِي الصُّوَرِ الثَّلاَثِ، وَالأَْصَحُّ أَنَّهُ لاَ يَجِبُ تَفْرِقَتُهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ بِخِلاَفِ أُمِّهِ، إِلاَّ إِذَا مَاتَتْ أُمُّهُ فَيَجِبُ تَفْرِقَتُهُ عَلَيْهِمْ، وَوَلَدُ الأُْضْحِيَّةِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلاَثِ لاَ يَجِبُ ذَبْحُهُ، وَإِذَا ذُبِحَ لَمْ يَجِبِ التَّصَدُّقُ بِشَيْءٍ مِنْهُ، وَيَجُوزُ فِيهِ الأَْكْل وَالتَّصَدُّقُ وَالإِْهْدَاءُ، وَإِذَا تَصَدَّقَ بِشَيْءٍ مِنْهُ لَمْ يُغْنِ عَنْ وُجُوبِ التَّصَدُّقِ بِشَيْءٍ مِنْهَا. (٣)

_________

(١) الجل: بضم الجيم وفتحها هو ما تغطى به الدابة لصيانتها ويجمع على جلال. والخطام، بكسر الخاء الزمام الذي تقاد به البهيمة وسمي خطاما، لأنه في كثير من الأحيان يوضع في خطمها أي أنفها.

(٢) الدسوقي ٢ / ١٢٢.

(٣) المنهج مع حاشية البجيرمي ٤ / ٢٩٩.

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: (١) إِذَا عَيَّنَ أُضْحِيَّةً فَوَلَدَتْ فَوَلَدُهَا تَابِعٌ لَهَا، حُكْمُهُ حُكْمُهَا، سَوَاءٌ أَكَانَتْ حَامِلًا بِهِ حِينَ التَّعْيِينِ، أَوْ حَدَثَ الْحَمْل بَعْدَهُ، فَيَجِبُ ذَبْحُهُ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ﵁ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ فَقَال: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي اشْتَرَيْتُ هَذِهِ الْبَقَرَةَ لأُِضَحِّيَ بِهَا، وَإِنَّهَا وَضَعَتْ هَذَا الْعِجْل؟ فَقَال عَلِيٌّ: لاَ تَحْلُبْهَا إِلاَّ فَضْلًا عَنْ تَيْسِيرِ وَلَدِهَا فَإِذَا كَانَ يَوْمَ الأَْضْحَى فَاذْبَحْهَا وَوَلَدَهَا عَنْ سَبْعَةٍ (٢) .

٤٨ - (الأَْمْرُ الرَّابِعُ): - مِنَ الأُْمُورِ الَّتِي تُكْرَهُ تَحْرِيمًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ قَبْل التَّضْحِيَةِ - رُكُوبُ الأُْضْحِيَّةِ وَاسْتِعْمَالُهَا وَالْحَمْل عَلَيْهَا.

فَإِنْ فَعَل شَيْئًا مِنْهَا أَثِمَ، وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِشَيْءٍ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْفِعْل نَقَّصَ قِيمَتَهَا، فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِقِيمَةِ النَّقْصِ.

فَإِنْ آجَرَهَا لِلرُّكُوبِ أَوِ الْحَمْل تَصَدَّقَ بِقِيمَةِ النَّقْصِ فَضْلًا عَنْ تَصَدُّقِهِ بِالْكِرَاءِ. (٣)

وَلِلْمَالِكِيَّةِ فِي إِجَارَةِ الأُْضْحِيَّةِ قَبْل ذَبْحِهَا قَوْلاَنِ: (أَحَدُهُمَا) الْمَنْعُ (وَثَانِيهِمَا) الْجَوَازُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (٤)

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَجُوزُ لِصَاحِبِ الأُْضْحِيَّةِ الْوَاجِبَةِ رُكُوبُهَا وَإِرْكَابُهَا بِلاَ أُجْرَةٍ، وَإِنْ تَلِفَتْ أَوْ

_________

(١) المغني لابن قدامة ١١ / ١٠٥.

(٢) الأثر عن علي ﵁ أن رجلا سأله فقال: يا أمير المؤمنين إني اشتريت هذه البقرة لأضحي بها. . . رواه سعيد ابن منصور عن أبي منصور عن أبي الأحوص عن زهير العبسي عن المغيرة بن حذف عن علي، (المغني لابن قدامة ١١ / ١٠٥) .

(٣) البدائع ٥ / ٧٨ - ٧٩، وحاشية ابن عابدين على الدر المختار ٥ / ٢٠٥.

(٤) الدسوقي ٢ / ١٢٢.

نَقَصَتْ بِذَلِكَ ضَمِنَهَا.

لَكِنْ إِنْ حَصَل ذَلِكَ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ ضَمِنَهَا الْمُسْتَعِيرُ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُهَا هُوَ أَوِ الْمُسْتَعِيرُ إِذَا تَلِفَتْ أَوْ نَقَصَتْ بَعْدَ دُخُول الْوَقْتِ وَالتَّمَكُّنِ مِنَ الذَّبْحِ، أَمَّا قَبْلَهُ فَلاَ ضَمَانَ، لأَِنَّهَا أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُعِيرِ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ إِنَّمَا يَضْمَنُ إِذَا لَمْ تَكُنْ يَدُ مُعِيرِهِ يَدَ أَمَانَةٍ. (١)

٤٩ - هَذَا وَهُنَاكَ مَكْرُوهَاتٌ ذُكِرَتْ فِي غَيْرِ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ: مِنْهَا: مَا صَرَّحَ بِهِ الْمَالِكِيَّةُ مِنْ أَنَّ التَّغَالِيَ بِكَثْرَةِ ثَمَنِهَا زِيَادَةٌ عَلَى عَادَةِ أَهْل الْبَلَدِ يُكْرَهُ - أَيْ تَنْزِيهًا - لأَِنَّ شَأْنَ ذَلِكَ الْمُبَاهَاةُ. وَكَذَا زِيَادَةُ الْعَدَدِ.

فَإِنْ نَوَى بِزِيَادَةِ الثَّمَنِ أَوِ الْعَدَدِ الثَّوَابَ وَكَثْرَةَ الْخَيْرِ لَمْ يُكْرَهْ بَل يُنْدَبُ (٢) .

مَا يُسْتَحَبُّ وَمَا يُكْرَهُ عِنْدَ إِرَادَةِ التَّضْحِيَةِ:

٥٠ - لَمَّا كَانَتِ التَّضْحِيَةُ نَوْعًا مِنَ التَّذْكِيَةِ، كَانَتْ مُسْتَحَبَّاتُ التَّذْكِيَةِ مِنْ ذَبْحٍ وَنَحْرٍ مُسْتَحَبَّةً فِيهَا، وَمَكْرُوهَاتُهَا مَكْرُوهَةٌ فِيهَا. وَلِتَفْصِيل مَا يُسْتَحَبُّ وَمَا يُكْرَهُ فِي التَّذْكِيَةِ (ر: ذَبَائِحُ) .

وَلِلتَّضْحِيَةِ مُسْتَحَبَّاتٌ وَمَكْرُوهَاتٌ خَاصَّةٌ تَكُونُ عِنْدَهَا، وَهِيَ إِمَّا أَنْ تَرْجِعَ إِلَى الأُْضْحِيَّةِ، أَوْ إِلَى الْمُضَحِّي، أَوْ إِلَى الْوَقْتِ. وَلْنَذْكُرْ ذَلِكَ فِي ثَلاَثَةِ مَبَاحِثَ:

مَا يَرْجِعُ إِلَى الأُْضْحِيَّةِ مِنَ الْمُسْتَحَبَّاتِ وَالْمَكْرُوهَاتِ عِنْدَ التَّضْحِيَةِ:

٥١ - يُسْتَحَبُّ فِي الأُْضْحِيَّةِ أَنْ تَكُونَ أَسْمَنَ وَأَعْظَمَ

_________

(١) المنهج مع حاشية البجيرمي ٤ / ٣٠٠.

(٢) الدسوقي ٢ / ١٢٢.