الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥ - تراجم الفقهاء - إفشاء السر - ما يجوز فيه الستر والإفشاء، والستر أفضل
مُصْطَلَحِ (غِيبَةٌ) .
النَّوْعُ الثَّالِثُ. ٨ - مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ بِمُقْتَضَى الْمَهْنَةِ، كَالطَّبِيبِ وَالْمُفْتِي وَأَمِينِ السِّرِّ وَغَيْرِهِمْ. ٩ - وَمِمَّا يَكُونُ أَحْيَانًا مِنَ الإِْفْشَاءِ الْمُحَرَّمِ لِلسِّرِّ النَّمِيمَةُ: وَهِيَ لُغَةً تَبْلِيغُ الْخَبَرِ عَلَى وَجْهِ الإِْفْسَادِ، وَهِيَ كَذَلِكَ فِي اصْطِلاَحِ الْعُلَمَاءِ، وَأَكْثَرُ إِطْلاَقِهَا عَلَى مَنْ يَنِمُّ قَوْل الْغَيْرِ إِلَى الْمَقُول فِيهِ، أَيْ يَنْقُلُهُ إِلَيْهِ إِذَا كَانَ سِرًّا قَدِ اسْتَكْتَمَهُ إِيَّاهُ، كَأَنْ يَقُول فُلاَنٌ يَقُول فِيكَ: كَذَا وَكَذَا. وَالنَّمِيمَةُ حَرَامٌ مَنْهِيٌّ عَنْهَا، لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: ﴿لاَ يَدْخُل الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ﴾ (١) أَيِ النَّمَّامُ، وَلِمَا فِيهَا مِنَ الإِْفْسَادِ بَيْنَ النَّاسِ. وَقَدْ تَجِبُ النَّمِيمَةُ كَمَا إِذَا سَمِعَ إِنْسَانٌ شَخْصًا يَتَحَدَّثُ بِإِرَادَةِ إِيذَاءِ إِنْسَانٍ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا، فَيَجِبُ عَلَى مَنْ سَمِعَ أَنْ يُحَذِّرَ الْمَقْصُودَ بِالإِْيذَاءِ، فَإِنْ أَمْكَنَ تَحْذِيرُهُ بِغَيْرِ ذِكْرِ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ فَيَقْتَصِرُ عَلَى التَّحْذِيرِ، وَإِلاَّ ذَكَرَهُ بِاسْمِهِ (٢) . وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (نَمِيمَةٌ) .
مَا يَجُوزُ فِيهِ السَّتْرُ وَالإِْفْشَاءُ، وَالسَّتْرُ أَفْضَل:
١٠ - نَصَّ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ فِي الْحُدُودِ الشَّهَادَةُ وَالسَّتْرُ، لَكِنَّ السَّتْرَ أَفْضَل فِيمَا كَانَ حَقًّا لِلَّهِ ﷿، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: ﴿مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ (٣) وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ
_________
(١) حديث: " لا يدخل الجنة قتات. . . " أخرجه البخاري (الفتح ١٠ / ٤٧٢ - ط السلفية)، ومسلم ١ / ١٠١ ط الحلبي.
(٢) سبل السلام ٤ / ١٩٨ - ١٩٩، والإحياء ٣ / ١٥٦.
(٣) حديث: " من ستر مسلما. . " أخرجه مسلم من حديث ابن عمر ﵄ مرفوعا. (صحيح مسلم ٤ / ١٩٩٦ ط عيسى الحلبي) .