الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥ - تراجم الفقهاء - إغماء - أثر الإغماء في العبادات البدنية - أثره في الحج

طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَمْ يُفِقْ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَقَدْ قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: لاَ يَصِحُّ صَوْمُهُ لأَِنَّ الصَّوْمَ هُوَ الإِْمْسَاكُ مَعَ النِّيَّةِ. قَال النَّبِيُّ ﷺ: يَقُول اللَّهُ تَعَالَى: كُل عَمَل ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ أَجْلِي (١) فَأَضَافَ تَرْكَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إِلَيْهِ. فَإِذَا كَانَ مُغْمًى عَلَيْهِ فَلاَ يُضَافُ الإِْمْسَاكُ إِلَيْهِ فَلَمْ يُجْزِهِ. وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: يَصِحُّ صَوْمُهُ لأَِنَّ النِّيَّةَ قَدْ صَحَّتْ وَزَوَال الاِسْتِشْعَارِ بَعْدَ ذَلِكَ لاَ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّوْمِ كَالنَّوْمِ. (٢)

وَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ نَوَى الصِّيَامَ وَأَفَاقَ لَحْظَةً فِي النَّهَارِ أَجْزَأَهُ الصَّوْمُ، أَيَّ لَحْظَةٍ كَانَتْ، اكْتِفَاءً بِالنِّيَّةِ مَعَ الإِْفَاقَةِ فِي جُزْءٍ، لأَِنَّ الإِْغْمَاءَ فِي الاِسْتِيلاَءِ عَلَى الْعَقْل فَوْقَ النَّوْمِ وَدُونَ الْجُنُونِ. فَلَوْ قِيل: إِنَّ الْمُسْتَغْرِقَ مِنْهُ لاَ يَضُرُّ لأَُلْحِقَ الأَْقْوَى بِالأَْضْعَفِ. وَلَوْ قِيل: إِنَّ اللَّحْظَةَ مِنْهُ تَضُرُّ كَالْجُنُونِ لأَُلْحِقَ الأَْضْعَفُ بِالأَْقْوَى فَتَوَسَّطَ بَيْنَ الأَْمْرَيْنِ. وَقِيل: إِنَّ الإِْفَاقَةَ فِي أَيِّ لَحْظَةٍ كَافِيَةٌ. وَفِي قَوْلٍ ثَانٍ لِلشَّافِعِيَّةِ: إِنَّ الإِْغْمَاءَ يَضُرُّ مُطْلَقًا قَل أَوْ كَثُرَ. (٣)

د - أَثَرُهُ فِي الْحَجِّ:

١٠ - الإِْغْمَاءُ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ عَوَارِضِ الأَْهْلِيَّةِ. فَالْمُغْمَى عَلَيْهِ لاَ يَتَأَتَّى مِنْهُ أَدَاءُ أَفْعَال الْحَجِّ، وَلَكِنْ هَل يَصِحُّ إِحْرَامُ الْغَيْرِ عَنْهُ بِدُونِ إِذْنٍ مِنْهُ؟ وَهَل إِذَا أَنَابَ أَحَدًا تُقْبَل الإِْنَابَةُ؟

قَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِنَّ الْمُغْمَى

_________

(١) حديث: " يقول الله كل عمل ابن آدم له إلا الصوم. . . " أخرجه البخاري (الفتح ١٠ / ٣٦٩ ط السلفية) .

(٢) كشف الأسرار ٤ / ٢٨١، والمغني ٣ / ٩٨.

(٣) الجمل ٢ / ٣٣٣.